واقع حياة في رواية

واقع حياة  في رواية
كلنا نكتب مالا نستطيع فعلة

مرحــبا بكم الف ترحيب

اهلاً وســهلاً بكم في مدونــتي.... المتــواضعه , ويسعـــدني ان اقدم لكــم كل مــفيد وجيد ومــشوق واي خــبره اعرفها فهي كـنز اتــشاركه مع كـل القراء ,

ولــكم منــي جزيـل الشكـر والتــقد ير....

الجمعة، 8 يناير 2010

ضاع عمري



في الصباح الباكر تنادي من النافذة بصوت يتخلله نبرة إنسان مستغيث ولا تأبه... لمن يسير في الشارع المجاور ...الكل يعرفها ..بصوتها ..الذي.. كل لحظة وحين تنادي ...يا.... هيفاء .......البنت الكبرى للجيران ...عندما تسمع أم هيفاء الصوت توقظ ابنتها من نومها ......
فتستيقظ هيفاء وهي تفرك عينيها بكلتا يديها والنوم يرغمها على العودة إليه ...وتقول :دعيني أنام ...فتقترب أمها وتضع يدها على شعرها وتفركه وتقول : ألا تسمعين صوت جدتك يا أبنتي العزيزة ...هيا يا حلوتي ..ربما تحتاج منك شيء ......؟ شدت الصغيرة على شفتيها وعينيها إلى الأرض كأنها تقول : تعبت يا أمي... ثم تنهض ...والكسل يثقل على جسدها ...فتسحب رجليها سحبا إلى الحمام ..وتغسل وجهها ...ثم تذهب ...ومازال الصوت ينادي دون تقطع ...حتى تصل هيفاء بعد خطوات معدودة ...فتدخل إلى مدخل الغرفة الكبيرة التي عند الباب ..
وتقول: لقد أتيت يا جدتي ......فتلتفت ...الجدة وهي في عمر ..الخمسين ...فتقول: دون أي سؤال لحال هيفاء الصغيرة : اذهبي يا ابنتي وأشتري ...طماطم و فول و ملح ...والباقي من النقود فهو لك .وفي الظهيرة ...تنادي كعادتها ليس للعبث أو إنها مجنونة ...بل الحاجة ...هيفاء...هيفاء ...نداءات متكررة ...حتى تسمع هيفاء الصوت ولو كانت تلهو مع قريناتها ...فتهرول ...وتلبي النداء كما أوصتها أمها ....وعندما تصل الصغيرة...
فتقول: الجدة وهي قد ملت : أين أنتي يا أبنتي؟ ... فترد : هيفاء وهي تلهف وضربات قلبها الصغير تتسارع من الركض ... بصوت متقطع ..وصلت ..وصلت ..ماذا... ؟ .. تقاطعها الجدة ... ... كأنها تأمرها وتقول : لها أغسلي الأواني ..واكنسي المطبخ .....فتدخل هيفاء المطبخ الصغير الذي يكاد يسع لثلاثة ...فتبدأ الغسيل ...على حسب معرفتها فهي مازالت صغيرة ...بكل بطء ...حتى تنتهي ..ثم تقول: وهي تجفف يديها بفستانها الأحمر القصير من الماء .. لقد انتهيت يا جدتي ...هل تريدين شيء آخر ...فترد عليها الجدة : أمسحي أرضية البيت فأنني منذ ثلاثة أيام لم امسحها فلم ترد عليها الصغيرة بأي كلمة ..غير...إنها تكمل عملها وعند الانتهاء ... تخرج الصغيرة ..وشكلها يوحي كأنها من الذين يعملون في منجم ...فلم تستطع العودة إلى اللعب لأن الوقت صار متأخرا ..فتذهب إلى البيت ...وتشاهد برامج الكرتون مع أخوتها الصغار ... وهكذا ...حتى كبرت هيفاء ...
أصبح الدور على سعيد ..الذي يتبع هيفاء ..فتضطر لمناداته ...فقط ... لجلب لها بعض الحاجات من الدكان المجاور ..عند غياب زوجها في العمل......... أما هيفاء فما زالت تساعدها في أعمال المنزل .

رن الهاتف ..
هيفاء ردي على التلفون ..
حسنا يا أمي ...الووو ..السلام عليكم ...
.........: وعليكم السلام ..هذا بيت أبو سعيد ....؟
هيفاء :..نعم ...
..........: ممكن أم سعيد
هيفاء : من معي ؟
........: من أنت يا ابنتي ...؟
فتستغرب هيفاء الصوت وتقول في نفسها من هذا... ؟!! ... أنا خالك.. ويتبع قوله جدك تعبان ...ويريد أن يرى ...أمك ...هلاً أعطيتني إياها ... فترد عليه وهي في دهشة : خالي ..كيف حالك ...؟فيرد عليها : إنني بخير ...ويتبعها بسؤاله أين أمك..؟
أبعدت هيفاء سماعة التلفون عن أذنها ونادت بصوتها الرقيق يا أمي خالي يريدك على التلفون .
.ردت الأم: وقد كانت مشغولة مع الصغار...قادمة ...قادمة ...ثم أمسكت السماعة وهي تقتضب حاجبيها تتساءل ماذا يريد ..؟
ثم قالت: خير إن شاء الله ليس من طبعك أن تتصل في مثل هذا الوقت ...
فلم يرد عليها ..وهو لا يدري كيف يخبرها ...؟أن أبوها في فراش الموت ويريد رؤيتها ...وخاصة أنه يعلم إنها حساسة جدا .
.فأحست أم هيفاء إن في الموضوع شيء ..وقالت :ماذا بك يا خالد؟ ..أمي فيها شيء ..؟أبوي فيه شيء ..؟...خير... علقت قلبي ..وهمت في البكاء .
قال: خالد في نفسه هذا لم أخبرها بشيء ..كيف إذا أخبرتها ...ماذا سيحدث لها ؟ وقرر عدم إخبارها ...ثم قهقه بضحكة كاذبة يخفف من حدة خوفها ..وقال : ما فيه شيء ..فقط أحببت أن اسلم عليكم.. ويمكن أن أكون عندكم غدا ...أن شاء الله ...أكمل ضحكته واتبعها بـــ ... مع السلامة ...
ردت أخته وهي تمسح دموعها بكمها: أتمنى ألا...ولم تكمل ...
ثم قالت: مع السلامة نراك غدا أن شاء الله وأغلقت سماعة الهاتف.
جفاء النوم عينيها وقلبها مشغول, وفي نفسها تقول: متى سيأتي الصبح ...أف ..يا لليل ما أطولك ...بل كانت الأسئلة تدق باب عقلها ...لماذا اتصل في الليل و عادته أن يتصل في النهار...ولماذا سيأتي غدا ...ولماذا ...ولماذا ... كأنها تحاول أن تحل شفرة ,فلم تفكك أي سؤال,ولم يسكن لها بال...نظرت إلى الساعة وهي تتمنى أن تكون الساعة الرابعة...نعم ..فكانت الساعة الرابعة والنصف ..فقالت:الحمد الله أخيرا جاء الصبح...كأنها تنتظر ساعة إفراجها من سجن . فقامت بكل نشاط ...لتبدأ بأعمال المنزل الروتينية التي لم تمل منها...وتقدم الفطور للأولاد ..ولأب سعيد... حتى يذهب إلى العمل..وفي الساعة السابعة تماما...رن جرس الباب ...فقالت: ..لابد إنه أخي.. ثم جرت نحو الباب لتفتحه.. فإذا هو خالد...فيفتح ذراعيه للعناق .. وهو يقول : اشتقت لكم كثيرا ...فضمته وهي تقول: ونحن أيضا يا أخي كيف أمي و أبي ...؟ فأبعدها عنه بلطف.. ثم قال:حسنا دعينا ندخل..
فقالت: وقد نست أنها عند الباب لشدة تعلقها وشوقها بوالديها..بتأكيد تفضل ...
فقال: وهو لا يريد أن يفجعها بالخبر من عند الباب .. هم بخير..لقد تعبت من الطريق...وسرد قصته .. تخيلي ...خمس ساعات في الطريق ...و من أمس الصبح ما نمت أريد أن أنام...
سألته:أأنت جائع ؟
رد وهو واضع يده على بطنة ..إني ميت من الجوع ...
فقالت : حسنا.. الآن سأعد لك الفطور ....
دخل الحمام وهي دخلت المطبخ...وما هي إلا عشر دقائق... والفطور جاهز ...خرج خالد من الحمام...فوجد الفول والجبن والزيتون والعسل على الطاولة مع الخبز اللبناني ..وأم هيفاء جالسة تنتظر ...ما بجعبة أخيها بفارغ الصبر ...
فقال : يا الله... إني جائع ...مسك الكرسي يبعده عن الطاولة وهو يتنهد ويقول في نفسه .. هذه شكلها...لم تنم البارحة ...لكن لازم اخبرها ...الله يستر...ثم جلس
وقال: أريد أن آكل هذا كل الذي على الطاولة... لزمت أم هيفاء الصمت ...وهي تقول: بنظراتها متى ستخبرني يا خوي ..؟ فرد عليها بنظراته ...أصبري قليلا ... ردت عليه بابتسامة وهي تهز رأسها ...كأنها تقول لم أنم البارحه ...وفجأة ...مدت يدها..إلى صحن الجبن .
فقالت ..أزيد..؟ ..كأنها تقول ... أحس بضيق أخبرني وأرحني ..؟.. فهم سؤالها ... وبادر بقوله :ها على فكرة أمي تسلم عليك...قاطعته ...وما هي أخبار أبي ؟...لأنها تعلم انه مصاب بالسكري ..ما هي أخباره مع السكر ... تغيرت نبرة صوته .
وقال: في الواقع أبوي ...وسكت برهة ..وأم هيفاء متجمدة في كرسيها بالصمت تنتظر الخبر...ثم قال :أبوي تعبان ويريد أن يراك...تنهدت أم هيفاء بصوت مسموع ... والدموع منهمرة على وجنتيها الورديتين..
وقالت :يريد أن يراني قبل أن يموت أليس كذلك ...
قال ...وهو يهز يده بالرفض لا.. لا ...بعد عمر طويل ..أن شاء لله .ثم
.قام من كرسيه باتجاهها ووضع يده اليمنى على رأسها يهدهد من روعتها ويده الأخرى تمسح دمعها ..وهو يقول ...أنظري خيرا ... ...
فقالت : سوف نذهب العصر لكن..... بعد أن أرتب أموري ..
فقال: لها يجب أن تنامي لابد انك لم تستطيعي النوم البارحة.
.قالت كيف سأنام وأبي يموت ؟!...
رد عليها: بكل لطف هيا أذهبي إلى النوم ولو ساعتين إلى الظهر كأنه..يأمر طفلة حزينة تبكي على فراق أمها ...
فردت وصوتها مختنق من البكاء .. أبو سعيد والأولاد سيأتون من الدوام ..والغداء!؟
.قال : لا عليك ...دعي الغداء علي ...ضحكت وسألت : كيف ...؟
فأجاب: دعي الأمر علي ولا تهتمي ...
فقالت : وقد ذهب منها البكاء ...حسنا سأنام.. ثم نهضت من كرسيها ومشت إلى غرفتها وهي تحك شعرها ... وتتذكر خالدا عندما كانا صغيرين ...وتقول في نفسها أعرفك يا أخي ...ماذا ستفعل ... ودخلت غرفتها المظلمة التي توحي بالنعاس ...ورمت نفسها على السرير فما لبثت إلا قليل ..حتى غرقت في النوم ...جاء خالد يطمئن عليها فراها نائمة ولو فجر أحدا عندها مدفع لما استيقظت ..فابتسم وأغلق الباب عليها ...ثم طلب رقم المطعم ..رد رجل ... آسيوي بصوت جهوري ...مطعم جبل النور أي خدمة .....؟
لو سمحت ..غداء لعشرة أفراد ...
سأل صاحب المطعم لحم أم دجاج ؟
..لحم لو سمحت ...أريده الساعة الثانية عشر جاهزا
حاضر بابا.
أغلق الموبايل ...ثم جلس يفكر ...ويفكر.... فالأب على فراش الموت ...والورثة هم ..خالد و أم هيفاء و...و...فهداه التعب ...إلى أن ينام ...ولو ساعة ...نهض من جلسته ...وأسرع إلى غرفة النوم المخصصة للضيوف حتى يلحق ما تبقى له من وقت ...وهو يتمنى ألا يفكر ولكن الأفكار ترغم نفسها عليه ....دخل الغرفة الواسعة.....ثم جلس على السرير الكبير...وهو يحاول أن يتأمل منظر الغرفة الجميلة ... بالألوان الهادئة المطلية على جدرانها الأربع بالأزرق الفاتح والغامق والستائر الزرقاء المنسدلة على نوافذها الأربع ...واللوح الثلاثة المرتبة على شكل درج ، المعلقة على جدرانها المواجه للسرير إذا تمعنت في رسوماتها توحي لك بشيء غامض يصعب فهمة ...ثم نفض الوسادة وضبط ساعة منبه التلفون للساعة الثانية عشرة بالضبط ثم وضع رأسه على الوسادة ...وأغمض عينيه حتى يجبرهن على النعاس ...ومع هدوء المكان وبرودة التكييف ...نام خالد ...
رن المنبه المزعج ...مد خالد يده إلى التلفون ثم أغلقه ...نهض مسرعا إلى الحمام ...وتوضئ .. لصلاة الظهر ...ثم خرج...إلى المسجد بالسيارة وأم هيفاء غارقة في نومها ...وبعد الصلاة ذهب ليحضر الغداء من المطعم... ويشتري بعض الحاجات و الهدايا للصغار ...وبعد ما انتهاء حرك السيارة باتجاه البيت بعد عشرين دقيقة ... وصل...فتح له الباب الولد الرابع في الترتيب ...قال خالد هلا والله ...صرخ الولد بصوت عالي ...خالي ...وقفز إليه يعانقه ..وحمل خالد الولد إلى الداخل ...والأولاد كلهم يصرخون ...خالي ..خالد يا أمي ...وهم لا يعلمون انه وصل من الصبح ...فقال :تعالوا معي أريدكم أن تساعدوني ...كلهم صاروا يتقافزون من حوله لشدة فرحتهم به ..وهم يمشون خلفه ببراءة...إلى السيارة ..فوزع عليهم بعض الأغراض التي يستطيعون حملها ...أما هو فحمل الغداء ..ثم دخلوا كلهم إلى المطبخ ... يعرضون الأشياء على أمهم ...أنظري هذا يا أمي ماذا احضر لنا خالي...وأما خالد فعاد إلى السيارة... وأحضر الهدايا ووزعها عليهم وهم يكادون يطيرون من الفرح
فقال:هيا..الآن أريد منكم شيء واحد ...
قالوا: ماذا ..؟
قال:( قبلة) ..ثم مال وجهه إليهم ..فتقافزوا إليه يقبلونه...واخذ يلهوا معهم حتى نادت أم هيفاء ...الغداء جاهز ...
فقال : الم ننتظر لأب سعيد ..
قالت: اتصل واخبرني انه مضطر للتأخر اليوم ..لذا سنأكل...رد خالد: متى سيحضر ؟ قالت: يمكن العصر ...قال : لن... ننتظر ..
تغدوا جميعا.....ثم..توزعوا ... الأولاد إلى القيلولة ...وأم هيفاء تجهز نفسها للسفر ...ثم قالت: سوف ننتظر أبو سعيد ...دخل أبو سعيد البيت في الساعة الرابعة والنصف عصرا ...وهو يدري بأن أم هيفاء سوف تذهب مع أخوها ..لأنها أخبرته من قبل ...... ودعته زوجته و الصغار نائمين ...
في الطريق ..عم الهدوء جو السيارة ...خالد ينتظر أن تنطق أخته ولو بسؤال سخيف ... وأم هيفاء تود لو أنها تملك جناحين لتطير بهما إلى البيت ...فتارة تنظر إلى ساعة السيارة وتعد دقائق الساعة حتى تمل ... وتارة تلتفت إلى النافذة فتتأمل في الغروب الجميل وتذّكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: عندما تشرق الشمس من مغربها ...حينها ماذا سنفعل ...فتنهدت ..وقالت :اللهم ارحمنا وأحسن خاتمتنا ....
قال: خالد وهو لم يصدق أنها أخيرا تكلمت بشيء بعد ثلاث ساعات في الطريق... آمين يا رب ..ولأن الوصول صار قريبا ..ثم أتبع قوله : لا أحد يبقى عليها ..
قالت إي والله ..عسى ربي أن يغفر لنا ذنوبنا ..
قال : استغفر الله ...استغفر الله ...قالت هي أيضا : أستغفر الله وسكتت ..ومر الوقت ...حتى وصلوا.....إلى البيت ..فتحت أم هيفاء باب السيارة وأسرعت خطواتها ..إلى الباب العريض الذي يسع لدخول سيارة فكان البيت هادئ جدا كأن لم يسكنه احد ما عدا الخدم ..نادت...أمي ..أبي...أين الناس..ولكن لا مجيب ...عادت إلى أخيها فكان ينادي الخدم ليحملوا الحقائب ...فسألت باستغراب ...أين أمي... أين أبي ؟...رد خالد ...الآن سوف نذهب اليه ...في المستشفى ..وأمي...أمي هناك..
ظلت واقفة حتى انتهوا من إدخال الحقائب إلى المنزل...ثم عادت إلى السيارة ...وهي تكاد تنفجر من الغضب .....ثم ذهبوا إلى المستشفى في صمت ...فكانت أم خالد هناك بجانب زوجها ...سلمت على أمها وضمتها ضمت المشتاق ...وكان أبوها على السرير ...فقبلت يده وقالت: أبوي الله يشفيك ...وهي تبكي كعادتها ..
ثلاثة أيام ...ومات الأب ...حزن الجميع ...ومر العزاء ..
...جلست أم هيفاء مع أمها لمدة العدة كاملة .
ثم قسموا الأموال التي ورثت ..فكان الورثة الوحيدين هم خالد وأم هيفاء ...ورثت هي ...ثلاثة عمارات مكونه من عشرين طابق ومعرض للملابس..أما خالد... ورث ضعف ما ورثة أخته.
ثم عادت إلى البيت ..لإخبار زوجها إنها قررت أن تنتقل إلى العيش عند أمها لأنها البنت الوحيدة وحتى تستطيع أن تدير أموالها التي ورثتها ...فلم يمانع الزوج ...
وفي الإجازة الصيفية ...انتقلوا إلى العيش هناك ...أما الجدة ...عائشة جلست وحيدة ...تنادي ..من النافذة ..مرات ...قليله تجد أحد يساعدها فيما تريد ....ومرات يتعب صوتها فلا مجيب ..وهكذا ...مرت السنين ...
وصل خبر وفاتها إلى ...أم هيفاء عندما سافر زوجها إلى هناك ...
حزنت حزنا شديدا ...ثم حكى لها القصة أبو سعيد...
فقال:أصابتها حمى ولا احد يسأل عنها ما عدا جاراتها اللاتي يزرنها كل ثلاثة أيام وفي ذاك اليوم دخلن عليها...فوجدنها تجاهد سكرات الموت ...فقالت واحدة منهن ...هيا نسرع بها إلى المستشفى ...فردت عليهن ..أنا تعبانه .. إني أموت ...وبعد لحظات ..فارقت الحياة ...وهي التي كانت تتمنى لو إن زوجها يموت قبلها ..لأنه مرض مرضا شديدا فأصبح ملازم الفراش..لا يستطيع أن ينفع نفسه بشيء...ضيعت عمرها معه ...تزوجته عندما كان عمرها ستة عشرة عاما وهو في الثلاثين ..تزوج ثلاثة نسوة قبلها ولكنهن لم يجبن فطلقهن ؟...وهي لم تكتشف ذلك إلا بعد مرور عشرين سنة إنه تزوج قبلها وإنه لا ينجب .. طلبت منه الطلاق ...ولكنة رفض ..فهو لا يريد أن يفرط فيها ...ولا يريد أن يكون وحيدا ...ظلت تحاول فيه ...وتقبل رجليه وتبكي لعلة يغير من رفضه الطلاق حتى إنها قالت : طلقني لأتزوج من آخر وأنجب منه أولاد ومن ثم ارجع اليك ..ولكنه رفض ...
ففكرت أن تربي بنت أختها المتوفيه وكان عمر الصغيرة سنتين ..ربتها حتى كبرت ..ثم زوجتها ... سافرت البنت مع زوجها إلى بلاد أخرى ... فطال عليها الغياب...... وفي يوم من الأيام أرادت أن تزور بنت أختها ... سافرت مع زوجها ...وعندما وصلوا البيت وهي في لهفة لرؤية أبنتها كما كانت تسميها ... طرقوا الباب ولكن لا أحد يفتح الباب ..انتظروا ساعتين عند الباب لعلى احد يفتح أو انه لا يوجد احد ...
فقالوا ..ربما سيأتون من مكان ...ومرت ساعة أخرى ..لا احد قادم إلى البيت ولا احد يفتح ...
فقالوا: ربما أخطانا في العنوان فعادوا وفتحوا الورقة المكتوب فيها العنوان فوجدوه كما هو...ومن التعب قرروا أن يذهبوا إلى فندق ويأتون في اليوم التالي ..وبينما هم كذلك يهمون للذهاب فتح الباب وإذ به الرجل الذي زوجوه ابنتهم يقول لهم ...والشرر يتطاير من عينيه ..لا نريد احد هيا اذهبوا ولا نريد أن نرى ووجهيكما ثانية ...فلم يردوا بأي كلمة لشدة صدمتهم منه ...رجعوا بخفي حنين ...في حسرة ... حاولت أن تنسى.. والأيام دواء الجروح...فأراد زوجها أن يواسيها ...وطلب من أخوه أن يربي ابنه الصغير ...فلم يمانع أخوه ...أعطوه الولد وعمره شهرين لأن أمه كانت مريضة...ربته كأنها أنجبته من بطنها وسهرت الليالي معه ...ملئ البيت طفولة ومرح ولعب.. نست نفسها معه...ولكن عندما كبر وأصبح شابا يافعا لم تكتمل فرحتهما به...قرر أن يكون عند أمه ...
وقال لهم: ...أريد أمي ...
فقالوا له : هل قصرنا في حقك شيء ...نريدك أن تكون عندنا حتى تبني مستقبلك وتتزوج ...
فقال لهم :دون أن يبدي أي من تعابير الأسى.. لم تقصرون في حقي .. ولكني أريد أن أكون عند أمي الحقيقية ...فكانت كلماته عليهما كالسكاكين الصدئة تقطع قلبيهما فلم يستطيعوا فعل شيء أو منعه من قراراه المفاجئ ...وكانت العبرة تقف في حلقها...وهي تنوح : أهذا الذي كنت أنتظره منك يا ولدي؟!..وآماه... يا وجع قلبي ...ضاع عمري ..






































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل تــحب ان تقـرأ القـصص والروايــات