واقع حياة في رواية

واقع حياة  في رواية
كلنا نكتب مالا نستطيع فعلة

مرحــبا بكم الف ترحيب

اهلاً وســهلاً بكم في مدونــتي.... المتــواضعه , ويسعـــدني ان اقدم لكــم كل مــفيد وجيد ومــشوق واي خــبره اعرفها فهي كـنز اتــشاركه مع كـل القراء ,

ولــكم منــي جزيـل الشكـر والتــقد ير....

الاثنين، 11 يناير 2010

الاتجاه المعاكس

يا كثر الاتجاه المعاكس....بس انت مع من يريد ارضاء نفسه ...بأي طريقة عايش تحت عنوان الحياة حلوة...ويريمي كلمة من هني ...ويعلق على هذا وذاك...مسلي...وكل تفكيره على حراكات الناس واسلوبهم.....بس مشي وعش حياتك...لا عاد الكذب هذه بالصارحة قوية...
واللي لابسة بنطلون ومغطية شعرها اللي عرفنا لونه من قدلتها لا زم جزء منه يظهر...وحضرتها تصلي...تحت عنوان محجبة...يالله ايش هذا ...
ولا مرة بالصراحة وااايد حلوة...تيشيرت على حجاب।خخخخخخخ ...
ووحدة متغطية مايظهر منها شيء بس كل ما مشت خطوتين سقطت ع الرصيف....وا حليلها زوجها الزمها تغطي وجهها...مبتدي مثل اللي يتعلم السواقة...وحضرتهم الشباب ماخلو المتحجبة ولا المكشوفة ...طااااااااف
الاتجاه الاخر ...وناس يالله ما تعرف حزنهم من فرحهم ...جامدين حتى الابتسامة بفلوس...ولا شيء يرضيهم حتى نفسهم غير راضيين عليها...مجتهدين دووووم وملتزمين ...واذا حبيت تعرف منهم كلمة ياريت تكون حلوة....ما عندهم كمينيكيشن... لا هاذول كافيين شرهم وخيرهم عن الناس...حياتهم تحت عنوان الدنيا عمل صح الدنيا عمل ....والمشكلة اللي يجاوبك بنظراته اللي تستغرب منها وتحس انك اغبى انسان عنده وتشك في نفسك....
وفي النهاية ان اكرمكم عند الله اتقاكم... خاف الله وعش بحدود ترضي ربك وترضي نفسك والاخرين...لا ارضاء الاخرين ليس بالضروري...استفتي نفسك وان افتوك الناس...
اذا انت محتار في شيء كبير تبي تسويه وشفت نفسك متردده حاول تقنعها وتقنعع عقلك الباطني ॥
والحل بيدك

بس يكفي لين هني...

الأحد، 10 يناير 2010

شخابيط

آآآآآآخ راسي عورني بعد ما صحيت من النوم...قيلوله وصلاة العصر مره راااحة...لا.... ان شاء الله باكر استنى الصلاة وبعدين انام...لا ما فيه وقت انام انقلب عاليمين والا المغرب أذن...يالله ما عليه بنعوض النوم॥
يالله كل ما اسير مكان والتفت والا البلاك البيري وصوت المسن والرسايل...مع الوان قوس قزح الاحمر ,اخضر ,ازرق على كيفيك...والمسنجر ..عااااد ॥المشكلة حتى شغالتنا معها بلاك بيري॥ تسولف مع ربعها صار حق الصغير والكبير واللي يعرف واللي ما يعرف...هذا الجهاز الوحيد اللي ما دش راسي॥ليش ما اعرف ...يالله ...له فتره وكل يوم يطلع شيء جديد....هذا في الشرق الاوسط...
يالله موضوع طويل...موقف عجبني...مرة كنت في مكان عام॥وشفت وحدة تتكلم في تلفونها...وفجاءه خبته في الجنطة...وقالت لربيعتها॥الناس تطوروا في التلفونات ونحن بعدنا عالقديم...استحي منه احسن لا يشوفه احد...واللي معاها عاد بس اربع وعشرين ساعة في يدها ليش... مو عاد من كثر المكالمات॥والجنطة ايش كبرها بتحمل عشرة كيلو لحم والتلفون ايش قدة في اليد...ولا شوفوني يا ناس معي بلاك بيري...هههههههههه
واحليلنا نحن العرب نفرح بالتلفون لأنه ما عندنا شغل ولا تفكير بس بتحميل الاغاني والدردشة ...وناس وين تفكيرهم....
موضوع ثاني .....كل ما افتح التلفزيون ابغي اشوف شيء والا القتل والحروبات واللي يطالب بحقة من يوم ما تولد واللي ॥واللي.......
يا عوار الرأس...والا يعجبوني المسكاين ...حاطين تلثومة على وجوههم واللابسين ثياب تخرع...وحاملين بندقية ...وايش لا عارضينها في الاخبار ...ويتوعدون بأيش ببندقية॥وكم رصاصات حطوها بصطة نطالب بحقنا...ونحن ونحن...وهم كل يوم القتل فيهم...
وناس عنهم بلاوي ...ويتمشون بثياب العمل وثياب لو شفتهم تقول ما أبراهم...هاذوله ما لهم دخل في الدنيا...
بس خلاص تعبت...ِ

الجمعة، 8 يناير 2010

ولي حق في الحياة

بسم الله الرحمن الرحيم
موعد الغسيل اليوم ..أف كم أكره هذه الآلة ...وأنا أنظر إلى تلك الأنابيب التي سيوصلها الطبيب الآن بأوردتي الدموية والأزرار الحمراء والخضراء التي تعلن أنتها مدة الغسيل وبدايته ..أحسب تلك الثلاث الساعات التي يتم لي فيها غسيل دمي من الشوائب التي توقفت كليتيَ عن ترشيحها ...وأنا أنظر إلى دمي كيف يمر عبر تلك الأنابيب إلى كليتي الاصطناعية ويعود مرة ثانية إلى جسدي .. أف كم أكره تلك الساعات التي يتم لي فيها الغسيل ...
انتهى الغسيل وعاد جسدي كما هو نحيف وكأنني من الذين يعانون المجاعة ..حان وقت الفطور ...يا الهي ..هل لي أن آكل هذا الطعام ...نعم يجب علي أن آكله ..وإلا مت من الجوع ..كل لقمة أستسيغها بصعوبة وهي تكاد أن تقف في حلقي وتخنقني ..ولكني أمررها بالماء ..والعصير الذي يجب أن يكون قليل السكر ...وأخيراً جاء عمي ليخبرني بموعد إجراء العملية بعد الفحوصات والنتائج التي تبشرني بأن أمي تستطيع أن تتبرع بأحد كليتيها ...ويجب أن تكون العملية في أقرب وقت ممكن ..وإلا مت ... ساءلت عمي وقد شبعت..أين أمي منذ يومين لم أراها هل هي بخير ...؟ فأجاب نعم هي بخير ... ستأتي بعد لحظات ثم اتبع قولة.. بعد أن تأتي أمك سنذهب خارجا لنغير من جو هذه المستشفى المملة ...فقلت له: أين سنذهب..؟ :فقال : أي مكان تريدين..؟! ...فأجبته : سوف نذهب إلى البحر أولا ثم إلى أي مكان آخر ...وقلت في نفسي لعلها آخر مرة أرى فيها الدنيا وأتعمق نسيم البحر ...و..قاطعني بقولة : هيا ألا تريدين أن تذهبين ..قلت : نعم ...هيا ..أغسلي والبسي.. أنا سوف أحضر أمك من قسم الفحوصات ..دعيني أراك جاهزة ...فقلت بأعلى صوتي حتى يسمعني وقد وصل عند الباب.. حالا.. يا عمي
وبينما كنت البس تنورتي الذهبية والقميص الأبيض... فالذهبي اللون المفضل لدي .. حدثتني نفسي ..هل ستكون أمك بخير ... بعد العملية ؟..ربما تنجح وربما لا ..إذا لم تنجح فأنا ميتة... ميتة ولكن أمي ...انقطع تفكيري بمجيء عمي وأمي ..كان وجهها مشع نورا من الفرحة وهي تقول: أبشري يا فاطمة سوف أعطيك احد كليتي ستعيشين بأذن الله .. ثم هَمت في البكاء فضممتها وأنا أقول لها .. الأعمار بيد الله يا أمي ..لا أحد يأخذ أكثر من يومه ... كانت كلماتي عليها قاسية فأجهشت في البكاء... لا أريد أن ابكي ولكن جعلت دمعتين تتدحرج من مقلتي وأنا أقول: لا تحزنين يا حبيبتي هذا قدري ... ثم ابتعدت عنها قليلاً وإنا أقول لها : أمي لماذا تبكين هيا ...ربما يكتب لي ربي عمر جديدا ثم أعيش طويلا ...وأتزوج وأنجب أولاد وبنات وحينها من إزعاجهم ستشتكين وأنتي تقولين ...أولادك أزعجوني ...أبعديهم عني ...فابتسمت ابتسامه عريضة ممزوجة بالبكاء وهي تمسح دموعها بيديها ..رأيت بصيص أمل في ابتسامتها تلك.. ثم تابعت قولي ..أدعي لي يا أمي ..ثم التفت إلى عمي وهو واقف حابس دموعه يراقبنا...فقلت: هيا ..ألن نذهب ..فابتسم و هز رأسه دون أن ينطق بكلمة ...كأنه يقول : نعم سنذهب...والحزن يملى صدره ...رأيتهم كأنهم هم الذين يهددهم الموت ...ولست أنا.. فحزنت لحزنهم علي ...ولكني مسلمة أمري إلى الله ... أردت أن ينسوني ولو للحظة... فساءلت أمي ما هي إخبار أبي وأخواتي ..هل هم بخير ..إني اشتقت إليهم كثيرا ...فقالت :إنهم يساءلون عنك عندما اتصلت بهم ...ويقولون إنهم يدعون لك بالشفاء .. تساءلت في ذهني ..ماذا يفعلون الآن يا ترى ..؟ ثم ساءلت عمي : متى موعد العملية..؟ أجاب وهو ينظر إلى الشارع أمامه ويراقب السيارات عن يميننا وعن شمالنا ..لم يحددون الموعد ولكنها ستكون قريب ربما في الأسبوع القادم...وأمي بجانبه وهي كل دقيقة تلتفت إلى الخلف تراقبني بجوارحها ....كأنها تقول لي أأنت بخير ...فأرد عليها بابتسامه كلها أمل ...وهكذا... سكوت لا يتكلمون إلا إذا تكلمت أنا فقلت : أمي أريد أن أسمع صوت أحمد والبنات قبل أن اجري العملية ..إني اشتقت إليهم ...فأجابت وهي تتنهد وقد ملى اليأس قلبها.. بتأكيد يا بنيتي ...وستريهم بعد العملية إن شاء الله ...و فجاءه تسلل نسيم البحر عبر النوافذ الأمامية المفتوحة فشممت رائحة البحر الممزوجة برائحة السمك الطازج ...من بعد كيلوا متران فقاطعتها بقولي :وإنا اصفق بيدي كالطفل الفرحان وصلنا البحر ..وصلنا البحر ...ضحكت أمي من سذاجتي ...وعمي كذلك ..كأنهم يقولون : أيحصل لك هذا وأنتي لا تبالين...فقلت في نفسي أنتم لا تعلمون الألم الذي في داخلي ولكني لا أحب أن يحزن علي أحد ...ثم وصلنا الشاطئ ...قبل أن ننزل من السيارة أحسست بألم في جسدي ولكني لم أظهر...جلسنا على الشاطئ مقابلين البحر ونحن نداعب أمواجه برجلينا وأمي بجانبي تفكر...يا الهي ..إلى متى ستفكرين يا أمي... التفكير لا يغير من القدر شيء..زاد الألم وهو يكاد أن يذبحني من شدة...لا أحب أن تراني أتألم .. فوقفت بصعوبة وهي تسألني ماذا بك ..؟..فرددت عليها أني بخير ... ثم تقدمت بعدة خطوات إلى الإمام وأنا استند على كتفها ...ثم قلت لها ألا تعلمين كم هو عظيم هذا البحر ..!! يا أمي ...فكانت تستمع إلي كأنني القي عليها وصية .. ثم تابعت قولي ..إني أراه كالشخص الذي يملك كل معاني الأخلاق...طيب..يعطينا كل شيء طيب وجميل,وفي بوعده إذا أخلصت معه ,حكيم...يتعامل مع الأغبياء بحكمة. صبور يرضى بأي أرض أسكنه ربه فقيرة غنية مسلمة كافرة فهو راض,حنون يحتضن كل شاكي ومهموم فيحكي له حكاياته ,كريم إذا أعطى يجزل ولا يبخل على احد,غني بكل الخيرات ,صادق,مؤمن...ولكنه إذا غضب فلا تلوم إلا نفسك ...لأنه لا يغضب إلا بعد طول حلم ...و..و.... ثم أغمي علي من شدة الألم..فلم أحس بعدها وإلا صوت الأطباء وهم يقولون سنجري لها العملية اليوم...وكأن شيء حصل..وأنا على السرير لم أستطع الحركة...فالتفت يمينا ويساراَ أبحث عن أمي فلم أجدها ...سألتهم أين أمي قالوا لي : في غرفة العمليات ...حينها بكيت بحرقة ...فلم يسعني إلا البكاء....ثم أخذوني إلى غرفة العمليات ...كأنهم يحملوني بنعش إلى قبري وليس بسرير ...جهزوني ...وإنا أكاد أن أعي ما يحصل حوالي...ثم وضعوا غطاء الأوكسجين الشفاف على وجهي عندما شممته كأنني أسافر إلى عالم الخلود...وأنا أتذكر حياتي عندما كنت صغيرة ...ثم .........
فلم أعي ....وإلا على قول عمي لي وهو واضع قناع الوقاية مغطي نصف وجهه الدائري ...مبروك ...نجاح العملية ...لم استوعب ...فهل أبكي أم افرح ...ثم سألته : أين أمي ...قال أمك بخير وهي في العنبر الآخر...جاء الطبيب يسألني كيف تحسين الآن ...فأجبت ..أنني بخير ...ولكني لا أشعر بجسدي ...قال لي : مازالت آثار المخدر فيك لن تزول إلا بعد عدة ساعات ...أنتي بخير لا تقلقي...سألته أيضا ..أين أمي ...؟قال : أمك بخير ...ثم تابعت سؤالي بسؤال آخر ..متى أستطيع أن أراها ...سترينها ولكن ليس الآن ...ساعتها أطمئنت أنها بخير فعلا ...ثم غفوت ...
بينما أنا كذلك ...ذهب عمي إلى أمي يطمئن عليها ...وهكذا صار يتردد علينا كلتانا ... قلت في نفسي الحمد الله إني بخير وأمي كذلك ...ولن أجري الغسيل مرة أخرى ...جاءت أمي وهي تمشي ...وجهها متغير تماما ...عن الذي كنت من قبل ...كان وجهها مشرق كالشمس في الصباح ..فقلت لها أمازحها ...ما هذا الجمال ...أراك شابه بنت خمسة عشرة عاماً..فردت : الحمد الله وهي تكرر الحمد الله ...الحمد الله ...وقد تحسنت صحتي ...ثم التفت إلى عمي فسألته متى سنذهب إلى البيت إني مللت من الجلوس في المستشفى ..؟ إني بخير ...
قال :لن تذهبين حتى تشفى كليتك الجديدة تماما ...ونطمئن على عدم انتكاسك ...ثم سكت ...نظرت إلى أمي ..أواءمت برأسها توافقه الرأي ...
ومرت الأيام...
وبعد شهرين صرح لنا الدكتور بالخروج ...سافرنا بالطائرة رجوعا إلى الوطن سالمين غانمين...وهكذا عشت أتناول أدوية مثبطة للمناعة حتى لا يرفض جسدي العضو الجديد ..عشت حياتي طبيعية..
فكانت الفاجعة...
عندما كانت أختي الصغرى بدت تشتكي مثل ما كنت اشتكي منه عرفت حينها أنها ابتليت بالفشل الكلوي ..يا الهي إنها ما زالت صغيرة ...وهي بنت عنيده ...يا الله ...هل يجب على الموت أن يهددنا ...ذهبنا بها إلى مستشفى المدينة لنعمل لها الفحوصات فأكد لنا الدكتور إنها مصابه بهبوط الكلى الحاد (الفشل الكلوي) كتب لها بعض الأدوية المهدئة للألم ...وحدد لها الطعام الذي يجب تجتنبه وأن تقلل الملح ...الملح هي تعشقه...وربما كان هذا السبب الذي أدى إلى التوقف المفاجئ لوظائف الكلى ...
أصابها ضعف الشهية لقلت الملح في طعامها ..لأنها كانت لا تأكل إلا ووعاء الملح بجانبها ...وكل يوم يزيد الألم حتى الأدوية لا تنفع معها ...وبعد أسبوع ...صار جسدها متورم .. وفي منتصف الليل
أفزعتنا وهي تصيح أمي ألحقيني... ألحقوني يا ناس سأموت ومن شدة الألم كانت تتلوى على الأرض كالأفعى...وهي تشد بيديها على بطنها...... فذكرتني بأيامي الصعبة التي مررت بها ..
قرر لها الدكتور الغسيل ...وبينما هي على السرير ...جلست مع الدكتور : أسأله هل لها أن تسترد عافيتها ..بدون السفر إلى الخارج لتزرع كلية... لأن أختي الصغرى ...و..سكّتُ هنيئة..ثم تابعت قولي ..من أين .. فقاطعني.. بسؤاله : من أين ماذا ..؟ كأنه فهم قصدي ثم قال: لو كانت من قريب سيكون نجاح العملية 90% تقريبا... فلم أرد علية بكلمة
...فكتمت همي...ثم نهضت من مكاني ...واتجهت خارجا أتخبط يمينا وشمالا فلم ادري إلا وأمي تجري خلفي و تنادي بصوتها المشفق فاطمة إلى أين أنت ذاهبة بنيتي تعالي فلم التفت إلى الوراء ولكني توقفت فجاءه ...وانهرت على الأرض فنادت الممرضات اللاتي يتبادلن غرف المرضى...فجرين عندما سمعن الاستغاثة...وحملنني إلى اقرب غرفة خاليه واستدعين الدكتور..فقال : أنه مجرد انهيار عصبي خفيف ويجب علي ألا أتعرض للضغوطات أو إلى أي شيء آخر يؤثر سلبا على صحتها ... فكانت أمي خائفة علي أكثر من خوفها على أختي ...فقالت: ماذا بك يا فاطمة هل أنت بخير ..؟ فقلت: نعم يا أمي إني بخير..ثم سألت ماذا قال الدكتور عن هدى..؟ سكت وجعلتها حائرة وهي تعلم أن هدى مصابة بالفشل الكلوي فعادت وسألتني مرة أخرى ماذا قال الدكتور عن هدى ..؟ أيضا لم أرد عليها ...تركتني وأفزعت إلى غرفة الدكتور لتسأله نفس السؤال فنهضت إليها وألحقتها ثم مسكت بيدها ارجوها إنني سأخبرها فقلت في نفسي ..ليس الأمر غريب عليها ...ثم قلت : لها أمي هدى تحتاج لزرع كلية ..وإلا...فقاطعتني وإلا ستموت أليس كذلك ... ثم تابعت قولي ..أمي ستنجح العملية بنسبة 90% إذا تبرع لها أحد الأقارب .. هكذا اخبرني الدكتور ..نعم يا بنيتي إنها نفس حالتك تقريبا .. نعم يا أمي ولكن علينا الآن أن نفكر في من.. من الأهل سيتبرع لها بالكلية..؟ ..ما رائك بأبي وقد نسيت انه مصاب بالسكر.. كنا نعدد أسماء العائلة ولكن عائلتنا قليلة إذ نحن ثلاثة بنات وولد فأختي الكبرى مصابة بالشلل ماعدا أخي انه المتعافي بيننا ...فقلت لها :سوف اخبر الطبيب أن أحمد سيتبرع لها بالكلية... فقالت: لا انتظري ربما لن يوافق أخيك فتعجبت من قولها ...ثم قلت لها : لماذا يا أمي..؟ سوف تموت اختنا ..فقالت : هذا من حقه.
ثم رجعنا البيت وهدى معنا...وفي نفس اليوم بعد الظهر سألت أمي أحمد إن كان سيتبرع لهدى بإحدى كليتيه..؟ فلم يمانع بل قال: وهو يشير بيده إلى جنبه الأيمن وكان متحمس جدا... أختي سأفديها بروحي ...فهي من لحمي ودمي .. أغرورقت عينا أمي بالدموع من سماع كلماته وصارت تدعوا له بجميع الدعوات وكنت جالسة معهم... فأشرق نور الأمل في قولبنا .وفي الليل .. أسرعنا لعمل له الفحوصات في مستشفى البلاد.. فكتب لنا الدكتور تقرير عن الحالة و السفر إلى الخارج. ونتيجة الفحوصات كانت مطابقة وكل شيء مناسب للعملية والزرع ..وفي الصباح حجزنا أول طائرة تسافر إلى الخارج فكان موعد السفر بعد ثلاثة أيام.. فكنت انتظر موعد السفر بفارغ الصبر وأمي كذلك ..الحمد الله أخيرا سترتاح من الغسيل ومن الألم .
ولكن ...
الصدمة ..عندما رفض جدي العملية وقال: العملية خسارة فيها.. هي بنت وهو ولد لا تضيعون مستقبله من اجلها دعوها تموت وأيضا تحجج بقوله :وهي ما زالت صغيرة ليس عليها ذنوب .. فقلت:وقد علا صوتي نريدها أن تعيش نحن من يحتاجها إنها طفلة والحياة أمامها لماذا نتركها تموت ونحن نقدر على أن نمنع ذلك سنحاول والأعمار بيد الله.. نعم مهما فعلنا ولكن لا نريد أن نندم طول العمر على فقدانها لا سمح الله هذا من قدره علينا ولكن لن نيأس.. ثم أدبرت من عند ذو القلب القاسي كما سميته نعم فهو كذلك . ووقفت عند الباب و قلت له :بصوت يكاد يسمعني ... ارجوا أن تعود في كلمتك لأن السفر سيكون بعد ثلاثة أيام .. ..فهو ساكن عندنا في غرفته الصغيرة التي يملؤها السكينة والوقار فتركت الباب مفتوح خلفي بالغرم إنه لا يفضله كذلك أبدا وكانت أختي في الغرفة المجاورة..وكنت في ثورة غضبي ثم جلست في غرفة المعيشة وإنا أقول في نفسي أنه مهما رفض العملية سوف نجريها لها مهما كلف الأمر الأهم أن أخي موافق ..
جاءت هدى تتساءل عن غضبي وصراخي مع جدي ووجهها متغير كأنها سمعت تهديد وهي تحاول أن تخفي ذلك بابتسامتها.. فقلت في نفسي ربما سمعت شيء من الحديث الذي دار بيننا..فتلعثمت بردي.. لا شيء لا شيء ولكن حالي معكر في هذه الأيام ... جلست بجانبي وتناولت الريموت من على الطاولة وشغلت التلفزيون تقلب القنوات حتى إنها لا تستطيع أن تستقر على قناة .. ثم قالت: وهي تتأفف.. جميع القنوات تتشابه اليوم تغطيها الإعلانات أكثر من البرامج ..ثم نظرت إلى الساعة .... وقالت :سوف يبدءا برنامجي المفضل ....هذا البرنامج الوحيد الذي أعجبني من جميع البرامج . فلم أرد عليها غير إني تمتمت بقولي..حياتك على المحك يا أختي .. وهي توهمني إنها غير مبالية ولسان حالها يقول: أدري عن ماذا كنت تناقشين جدي.. ثم غفوت على الكنبة وقد بداء البرنامج ...حتى دخل أحمد من الباب وهو يقول: ماذا تشاهدين يا هدى ..؟ ولماذا فاطمة نائمة هنا ..؟ لماذا لم تدخل غرفتها ..؟ فلم ترد عليه.. فكانت منغمسة في مشاهدة برنامجها المفضل ...ثم تقرب إلي ووقف عند رأسي وقال: هيا إلى حجرتك .. فرفعت رأسي إليه وقلت: لا أريد أن أنام ...فرد قائلا: أراك ناعسة.. هيا إلى فراشك ...وأنا سأجلس عند هدى ...فقالت: هدى لا إني بخير استطيع أن تدبر أموري ...كأنهما لم يسمعاها ..ذهبت فاطمة إلى غرفتها لتنام لتريح نفسها من التفكير ولكن الهم أبو التفكير.. فأنا لتفكير أن يذهب ..ثم جلس احمد بجانب هدى ..لأنها تتعب..وأحيانا تسرق الملح من المطبخ فتضعه في طعامها وهي تدري انه مضر بصحتها ... وبعد ساعة نامت هدى وهي تشاهد برنامجها... فقام أحمد وأغلق التلفزيون وحملها إلى حجرتها فوزنها لم يتعدى الأربعين ووضعها في السرير...
وفي اليوم التالي اضطرت أمي أن تزور أخيها ..وقد جاء من السفر وكان البيت بعيدا ..وإنها سوف تتأخر وكان أحمد معها ...فبقينا أنا وهي وجدي في البيت أما أختي الكبرى لا تنفعنا بشيء إذ إنها تذهب إلى حمامها الخاص زحفا وأحيانا أساعدها ...وفي ذاك اليوم كعادتها تسللت إلى المطبخ وسرقت لها ملح ووضعته في وعاء خاص حتى لا يكشفها أحد لأننا دائما كنا نقول: لها ابتعدي عن الملح..وكان وقت الغداء وهي جالسة في غرفتها أتيت لها بالطعام ثم جلست أمامها على الكرسي ..فقالت: لماذا تراقبينني ...قلت لها وأنا ابتسم.. أريدك أن تأكلين كل هذا الطعام ...فقالت لي : حسنا سوف آكلة كله ولكن لا أريد هذا الماء الحار أحضري لي ماء بارد ... حاضر.. كأنها السيدة وأنا الخادمة ...ذهبت مهرولة إلى المطبخ وأنا أقول في نفسي أنت تأمرين ..فأنا خادمتك حتى تشفين ...بينما كنت في المطبخ ...سحبت وعاء الملح من تحت فراشها ورشته على طعامها بخفة حتى لا أراها .. فأتيت بالماء وكأنها لم تفعل شيء .. فرأيتها تأكل بشراها فقلت لها ...هل أنت جائعة حتى تأكلين هكذا... ردت واللقمة في فمها...كما وعدتك وظلت تأكل حتى أنهت ما في الصحن.....فاتجهت نحو الدولاب وأنا أقول لها انه وقت الدواء ...فقالت: لا أريده... جعلت نفسي كأنني لم أسمعها ثم تقدمت إليها ومددت يدي بالدواء إلى فهما..فمالت وجهها عني وأبعدت يدي عن فمها .. وهي تقول: بصوت مختنق ...لا أريد... إني أريد أن أموت ...إنني سوف أموت...لا أريد أحمد أن ينزع كليته من جسده ليعطيني إياها لأنني ميتة.. حتى لو فعل ذلك .. فقلت: لها والعبرة تخنقني ..ثم ضحكت من قولها أكذب ما أسمع.. وأنا أقول: ماذا تقولين..؟ غدا موعد السفر ...وستعملين العملية وستنجح إن شاء الله .. أنا عندك اقرب مثال ..أعيش على كلية مستعارة والحمد الله ..لا تيأسين..ثم جلست بجانبها أحتضنها وهي تردد ..سأموت... وسفري قريب فكانت تهذي ..خيلت إلي إنها ستفارق الحياة للحظة ...هدهدت عليها وكانت توصي بالمال الموروث أن نتصدق به إلى الفقراء والمساكين ..فتقول: مالي الموروث تصدقوا به وملابسي وزعوها على الفقراء ولعبي كذلك ..فكنت ارتجف والدموع تسيل دون توقف فلم استطع أن أتمالك نفسي .. فرفعت رأسي إلى السماء وادعوا الله أن يعافيها ...إنها تهذي ..يا الله ماذا سأفعل لا أحد في البيت يا الله ..لا نريدها أن تموت ..ثم سكتت..فنظرت اليها ويدي على خدها ماذا بك يا هدى ...؟فلم ترد علي بكلمة...واستلقت على السرير...فقلت: دواءك يا هدى.. أيضا لم ترد علي ..فأسرعت إلى جدي وأنا اطرق الباب وأنادي بصوت خائف مرتجف ..نريد أن نذهب بهدى إلى المستشفى إني لا أراها بخير إنها... كانت تهذي...ففتح الباب وكان يستمع إلي بهدوء فلم فلم يحرك ساكن غير إنه قال : أين هي الآن .. في غرفتها ..لا أعلم هل هي نائمة أم ...فسكت ...وأمسكت بذراعه واتجهت به إلى غرفتها المجاورة دخلنا الغرفة ووضع يده على جبينها وكان يتحسسها ...وأنا واقفة انتظر ماذا سيقول: فقال : إنها بخير وهي نائمة ...و رجع إلى غرفة ... فلم استطع أن انتظر فاتصلت بأمي لتأتي ألينا ولكن دون أن اخبرها بما صار معي..قلقت المسكينة من اتصالي المفاجئ ...ولكني حاولت ألا أرعبها ..وما هي إلاَ ساعة و هي عند الباب...فدخلت مهرولة إلى غرفتها ثم دخلت خلفها وأنا أقول لها : إنها نائمة.. ولكن أليس علينا أن نذهب بها إلى المستشفى ...فقالت: وهي واضعة يدها الحانية على جسدها تتحسسه ..بلى إنها مصابة بالحمى.. ألم تتناول دواءها ..لا يا أمي إنها رفضت..و..
اتصلت أمي على الدكتور تسأله إن كنا نستطيع إحضارها إلى المستشفى ..فقال:هل تنتظرون أن تستأذنون مني مادامت فيها الحمى فحالتها خطيرة ...هيا أسرعوا بها دون تأخير...أغلقت أمي السماعة ووجهها وكأن الدكتور أخبرها بموت أختي ...وهي تقول:حالتها خطيرة ....أختك تحتضر يا فاطمة.
توجهت كي أوقظها...فوجدتها والدموع تسيل من عينيها الناعستين والصمت يعبر عن حالتها...وأمي خلفي تراقبني ..وأحمد متسمر في مكانه ...فصرخت علية ..ليحملها إلى السيارة ...فكان واقف كالأبله ..ثم حملها إلى السيارة ...ونحن نتبعه ...وذهبنا بها مسرعين إلى المستشفى ...وفي منتصف الطريق...فاقت روحها إلى بارئها وهي تبتسم كأنها تقول ..لقد ارتحت ألآن..



ضاع عمري



في الصباح الباكر تنادي من النافذة بصوت يتخلله نبرة إنسان مستغيث ولا تأبه... لمن يسير في الشارع المجاور ...الكل يعرفها ..بصوتها ..الذي.. كل لحظة وحين تنادي ...يا.... هيفاء .......البنت الكبرى للجيران ...عندما تسمع أم هيفاء الصوت توقظ ابنتها من نومها ......
فتستيقظ هيفاء وهي تفرك عينيها بكلتا يديها والنوم يرغمها على العودة إليه ...وتقول :دعيني أنام ...فتقترب أمها وتضع يدها على شعرها وتفركه وتقول : ألا تسمعين صوت جدتك يا أبنتي العزيزة ...هيا يا حلوتي ..ربما تحتاج منك شيء ......؟ شدت الصغيرة على شفتيها وعينيها إلى الأرض كأنها تقول : تعبت يا أمي... ثم تنهض ...والكسل يثقل على جسدها ...فتسحب رجليها سحبا إلى الحمام ..وتغسل وجهها ...ثم تذهب ...ومازال الصوت ينادي دون تقطع ...حتى تصل هيفاء بعد خطوات معدودة ...فتدخل إلى مدخل الغرفة الكبيرة التي عند الباب ..
وتقول: لقد أتيت يا جدتي ......فتلتفت ...الجدة وهي في عمر ..الخمسين ...فتقول: دون أي سؤال لحال هيفاء الصغيرة : اذهبي يا ابنتي وأشتري ...طماطم و فول و ملح ...والباقي من النقود فهو لك .وفي الظهيرة ...تنادي كعادتها ليس للعبث أو إنها مجنونة ...بل الحاجة ...هيفاء...هيفاء ...نداءات متكررة ...حتى تسمع هيفاء الصوت ولو كانت تلهو مع قريناتها ...فتهرول ...وتلبي النداء كما أوصتها أمها ....وعندما تصل الصغيرة...
فتقول: الجدة وهي قد ملت : أين أنتي يا أبنتي؟ ... فترد : هيفاء وهي تلهف وضربات قلبها الصغير تتسارع من الركض ... بصوت متقطع ..وصلت ..وصلت ..ماذا... ؟ .. تقاطعها الجدة ... ... كأنها تأمرها وتقول : لها أغسلي الأواني ..واكنسي المطبخ .....فتدخل هيفاء المطبخ الصغير الذي يكاد يسع لثلاثة ...فتبدأ الغسيل ...على حسب معرفتها فهي مازالت صغيرة ...بكل بطء ...حتى تنتهي ..ثم تقول: وهي تجفف يديها بفستانها الأحمر القصير من الماء .. لقد انتهيت يا جدتي ...هل تريدين شيء آخر ...فترد عليها الجدة : أمسحي أرضية البيت فأنني منذ ثلاثة أيام لم امسحها فلم ترد عليها الصغيرة بأي كلمة ..غير...إنها تكمل عملها وعند الانتهاء ... تخرج الصغيرة ..وشكلها يوحي كأنها من الذين يعملون في منجم ...فلم تستطع العودة إلى اللعب لأن الوقت صار متأخرا ..فتذهب إلى البيت ...وتشاهد برامج الكرتون مع أخوتها الصغار ... وهكذا ...حتى كبرت هيفاء ...
أصبح الدور على سعيد ..الذي يتبع هيفاء ..فتضطر لمناداته ...فقط ... لجلب لها بعض الحاجات من الدكان المجاور ..عند غياب زوجها في العمل......... أما هيفاء فما زالت تساعدها في أعمال المنزل .

رن الهاتف ..
هيفاء ردي على التلفون ..
حسنا يا أمي ...الووو ..السلام عليكم ...
.........: وعليكم السلام ..هذا بيت أبو سعيد ....؟
هيفاء :..نعم ...
..........: ممكن أم سعيد
هيفاء : من معي ؟
........: من أنت يا ابنتي ...؟
فتستغرب هيفاء الصوت وتقول في نفسها من هذا... ؟!! ... أنا خالك.. ويتبع قوله جدك تعبان ...ويريد أن يرى ...أمك ...هلاً أعطيتني إياها ... فترد عليه وهي في دهشة : خالي ..كيف حالك ...؟فيرد عليها : إنني بخير ...ويتبعها بسؤاله أين أمك..؟
أبعدت هيفاء سماعة التلفون عن أذنها ونادت بصوتها الرقيق يا أمي خالي يريدك على التلفون .
.ردت الأم: وقد كانت مشغولة مع الصغار...قادمة ...قادمة ...ثم أمسكت السماعة وهي تقتضب حاجبيها تتساءل ماذا يريد ..؟
ثم قالت: خير إن شاء الله ليس من طبعك أن تتصل في مثل هذا الوقت ...
فلم يرد عليها ..وهو لا يدري كيف يخبرها ...؟أن أبوها في فراش الموت ويريد رؤيتها ...وخاصة أنه يعلم إنها حساسة جدا .
.فأحست أم هيفاء إن في الموضوع شيء ..وقالت :ماذا بك يا خالد؟ ..أمي فيها شيء ..؟أبوي فيه شيء ..؟...خير... علقت قلبي ..وهمت في البكاء .
قال: خالد في نفسه هذا لم أخبرها بشيء ..كيف إذا أخبرتها ...ماذا سيحدث لها ؟ وقرر عدم إخبارها ...ثم قهقه بضحكة كاذبة يخفف من حدة خوفها ..وقال : ما فيه شيء ..فقط أحببت أن اسلم عليكم.. ويمكن أن أكون عندكم غدا ...أن شاء الله ...أكمل ضحكته واتبعها بـــ ... مع السلامة ...
ردت أخته وهي تمسح دموعها بكمها: أتمنى ألا...ولم تكمل ...
ثم قالت: مع السلامة نراك غدا أن شاء الله وأغلقت سماعة الهاتف.
جفاء النوم عينيها وقلبها مشغول, وفي نفسها تقول: متى سيأتي الصبح ...أف ..يا لليل ما أطولك ...بل كانت الأسئلة تدق باب عقلها ...لماذا اتصل في الليل و عادته أن يتصل في النهار...ولماذا سيأتي غدا ...ولماذا ...ولماذا ... كأنها تحاول أن تحل شفرة ,فلم تفكك أي سؤال,ولم يسكن لها بال...نظرت إلى الساعة وهي تتمنى أن تكون الساعة الرابعة...نعم ..فكانت الساعة الرابعة والنصف ..فقالت:الحمد الله أخيرا جاء الصبح...كأنها تنتظر ساعة إفراجها من سجن . فقامت بكل نشاط ...لتبدأ بأعمال المنزل الروتينية التي لم تمل منها...وتقدم الفطور للأولاد ..ولأب سعيد... حتى يذهب إلى العمل..وفي الساعة السابعة تماما...رن جرس الباب ...فقالت: ..لابد إنه أخي.. ثم جرت نحو الباب لتفتحه.. فإذا هو خالد...فيفتح ذراعيه للعناق .. وهو يقول : اشتقت لكم كثيرا ...فضمته وهي تقول: ونحن أيضا يا أخي كيف أمي و أبي ...؟ فأبعدها عنه بلطف.. ثم قال:حسنا دعينا ندخل..
فقالت: وقد نست أنها عند الباب لشدة تعلقها وشوقها بوالديها..بتأكيد تفضل ...
فقال: وهو لا يريد أن يفجعها بالخبر من عند الباب .. هم بخير..لقد تعبت من الطريق...وسرد قصته .. تخيلي ...خمس ساعات في الطريق ...و من أمس الصبح ما نمت أريد أن أنام...
سألته:أأنت جائع ؟
رد وهو واضع يده على بطنة ..إني ميت من الجوع ...
فقالت : حسنا.. الآن سأعد لك الفطور ....
دخل الحمام وهي دخلت المطبخ...وما هي إلا عشر دقائق... والفطور جاهز ...خرج خالد من الحمام...فوجد الفول والجبن والزيتون والعسل على الطاولة مع الخبز اللبناني ..وأم هيفاء جالسة تنتظر ...ما بجعبة أخيها بفارغ الصبر ...
فقال : يا الله... إني جائع ...مسك الكرسي يبعده عن الطاولة وهو يتنهد ويقول في نفسه .. هذه شكلها...لم تنم البارحة ...لكن لازم اخبرها ...الله يستر...ثم جلس
وقال: أريد أن آكل هذا كل الذي على الطاولة... لزمت أم هيفاء الصمت ...وهي تقول: بنظراتها متى ستخبرني يا خوي ..؟ فرد عليها بنظراته ...أصبري قليلا ... ردت عليه بابتسامة وهي تهز رأسها ...كأنها تقول لم أنم البارحه ...وفجأة ...مدت يدها..إلى صحن الجبن .
فقالت ..أزيد..؟ ..كأنها تقول ... أحس بضيق أخبرني وأرحني ..؟.. فهم سؤالها ... وبادر بقوله :ها على فكرة أمي تسلم عليك...قاطعته ...وما هي أخبار أبي ؟...لأنها تعلم انه مصاب بالسكري ..ما هي أخباره مع السكر ... تغيرت نبرة صوته .
وقال: في الواقع أبوي ...وسكت برهة ..وأم هيفاء متجمدة في كرسيها بالصمت تنتظر الخبر...ثم قال :أبوي تعبان ويريد أن يراك...تنهدت أم هيفاء بصوت مسموع ... والدموع منهمرة على وجنتيها الورديتين..
وقالت :يريد أن يراني قبل أن يموت أليس كذلك ...
قال ...وهو يهز يده بالرفض لا.. لا ...بعد عمر طويل ..أن شاء لله .ثم
.قام من كرسيه باتجاهها ووضع يده اليمنى على رأسها يهدهد من روعتها ويده الأخرى تمسح دمعها ..وهو يقول ...أنظري خيرا ... ...
فقالت : سوف نذهب العصر لكن..... بعد أن أرتب أموري ..
فقال: لها يجب أن تنامي لابد انك لم تستطيعي النوم البارحة.
.قالت كيف سأنام وأبي يموت ؟!...
رد عليها: بكل لطف هيا أذهبي إلى النوم ولو ساعتين إلى الظهر كأنه..يأمر طفلة حزينة تبكي على فراق أمها ...
فردت وصوتها مختنق من البكاء .. أبو سعيد والأولاد سيأتون من الدوام ..والغداء!؟
.قال : لا عليك ...دعي الغداء علي ...ضحكت وسألت : كيف ...؟
فأجاب: دعي الأمر علي ولا تهتمي ...
فقالت : وقد ذهب منها البكاء ...حسنا سأنام.. ثم نهضت من كرسيها ومشت إلى غرفتها وهي تحك شعرها ... وتتذكر خالدا عندما كانا صغيرين ...وتقول في نفسها أعرفك يا أخي ...ماذا ستفعل ... ودخلت غرفتها المظلمة التي توحي بالنعاس ...ورمت نفسها على السرير فما لبثت إلا قليل ..حتى غرقت في النوم ...جاء خالد يطمئن عليها فراها نائمة ولو فجر أحدا عندها مدفع لما استيقظت ..فابتسم وأغلق الباب عليها ...ثم طلب رقم المطعم ..رد رجل ... آسيوي بصوت جهوري ...مطعم جبل النور أي خدمة .....؟
لو سمحت ..غداء لعشرة أفراد ...
سأل صاحب المطعم لحم أم دجاج ؟
..لحم لو سمحت ...أريده الساعة الثانية عشر جاهزا
حاضر بابا.
أغلق الموبايل ...ثم جلس يفكر ...ويفكر.... فالأب على فراش الموت ...والورثة هم ..خالد و أم هيفاء و...و...فهداه التعب ...إلى أن ينام ...ولو ساعة ...نهض من جلسته ...وأسرع إلى غرفة النوم المخصصة للضيوف حتى يلحق ما تبقى له من وقت ...وهو يتمنى ألا يفكر ولكن الأفكار ترغم نفسها عليه ....دخل الغرفة الواسعة.....ثم جلس على السرير الكبير...وهو يحاول أن يتأمل منظر الغرفة الجميلة ... بالألوان الهادئة المطلية على جدرانها الأربع بالأزرق الفاتح والغامق والستائر الزرقاء المنسدلة على نوافذها الأربع ...واللوح الثلاثة المرتبة على شكل درج ، المعلقة على جدرانها المواجه للسرير إذا تمعنت في رسوماتها توحي لك بشيء غامض يصعب فهمة ...ثم نفض الوسادة وضبط ساعة منبه التلفون للساعة الثانية عشرة بالضبط ثم وضع رأسه على الوسادة ...وأغمض عينيه حتى يجبرهن على النعاس ...ومع هدوء المكان وبرودة التكييف ...نام خالد ...
رن المنبه المزعج ...مد خالد يده إلى التلفون ثم أغلقه ...نهض مسرعا إلى الحمام ...وتوضئ .. لصلاة الظهر ...ثم خرج...إلى المسجد بالسيارة وأم هيفاء غارقة في نومها ...وبعد الصلاة ذهب ليحضر الغداء من المطعم... ويشتري بعض الحاجات و الهدايا للصغار ...وبعد ما انتهاء حرك السيارة باتجاه البيت بعد عشرين دقيقة ... وصل...فتح له الباب الولد الرابع في الترتيب ...قال خالد هلا والله ...صرخ الولد بصوت عالي ...خالي ...وقفز إليه يعانقه ..وحمل خالد الولد إلى الداخل ...والأولاد كلهم يصرخون ...خالي ..خالد يا أمي ...وهم لا يعلمون انه وصل من الصبح ...فقال :تعالوا معي أريدكم أن تساعدوني ...كلهم صاروا يتقافزون من حوله لشدة فرحتهم به ..وهم يمشون خلفه ببراءة...إلى السيارة ..فوزع عليهم بعض الأغراض التي يستطيعون حملها ...أما هو فحمل الغداء ..ثم دخلوا كلهم إلى المطبخ ... يعرضون الأشياء على أمهم ...أنظري هذا يا أمي ماذا احضر لنا خالي...وأما خالد فعاد إلى السيارة... وأحضر الهدايا ووزعها عليهم وهم يكادون يطيرون من الفرح
فقال:هيا..الآن أريد منكم شيء واحد ...
قالوا: ماذا ..؟
قال:( قبلة) ..ثم مال وجهه إليهم ..فتقافزوا إليه يقبلونه...واخذ يلهوا معهم حتى نادت أم هيفاء ...الغداء جاهز ...
فقال : الم ننتظر لأب سعيد ..
قالت: اتصل واخبرني انه مضطر للتأخر اليوم ..لذا سنأكل...رد خالد: متى سيحضر ؟ قالت: يمكن العصر ...قال : لن... ننتظر ..
تغدوا جميعا.....ثم..توزعوا ... الأولاد إلى القيلولة ...وأم هيفاء تجهز نفسها للسفر ...ثم قالت: سوف ننتظر أبو سعيد ...دخل أبو سعيد البيت في الساعة الرابعة والنصف عصرا ...وهو يدري بأن أم هيفاء سوف تذهب مع أخوها ..لأنها أخبرته من قبل ...... ودعته زوجته و الصغار نائمين ...
في الطريق ..عم الهدوء جو السيارة ...خالد ينتظر أن تنطق أخته ولو بسؤال سخيف ... وأم هيفاء تود لو أنها تملك جناحين لتطير بهما إلى البيت ...فتارة تنظر إلى ساعة السيارة وتعد دقائق الساعة حتى تمل ... وتارة تلتفت إلى النافذة فتتأمل في الغروب الجميل وتذّكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: عندما تشرق الشمس من مغربها ...حينها ماذا سنفعل ...فتنهدت ..وقالت :اللهم ارحمنا وأحسن خاتمتنا ....
قال: خالد وهو لم يصدق أنها أخيرا تكلمت بشيء بعد ثلاث ساعات في الطريق... آمين يا رب ..ولأن الوصول صار قريبا ..ثم أتبع قوله : لا أحد يبقى عليها ..
قالت إي والله ..عسى ربي أن يغفر لنا ذنوبنا ..
قال : استغفر الله ...استغفر الله ...قالت هي أيضا : أستغفر الله وسكتت ..ومر الوقت ...حتى وصلوا.....إلى البيت ..فتحت أم هيفاء باب السيارة وأسرعت خطواتها ..إلى الباب العريض الذي يسع لدخول سيارة فكان البيت هادئ جدا كأن لم يسكنه احد ما عدا الخدم ..نادت...أمي ..أبي...أين الناس..ولكن لا مجيب ...عادت إلى أخيها فكان ينادي الخدم ليحملوا الحقائب ...فسألت باستغراب ...أين أمي... أين أبي ؟...رد خالد ...الآن سوف نذهب اليه ...في المستشفى ..وأمي...أمي هناك..
ظلت واقفة حتى انتهوا من إدخال الحقائب إلى المنزل...ثم عادت إلى السيارة ...وهي تكاد تنفجر من الغضب .....ثم ذهبوا إلى المستشفى في صمت ...فكانت أم خالد هناك بجانب زوجها ...سلمت على أمها وضمتها ضمت المشتاق ...وكان أبوها على السرير ...فقبلت يده وقالت: أبوي الله يشفيك ...وهي تبكي كعادتها ..
ثلاثة أيام ...ومات الأب ...حزن الجميع ...ومر العزاء ..
...جلست أم هيفاء مع أمها لمدة العدة كاملة .
ثم قسموا الأموال التي ورثت ..فكان الورثة الوحيدين هم خالد وأم هيفاء ...ورثت هي ...ثلاثة عمارات مكونه من عشرين طابق ومعرض للملابس..أما خالد... ورث ضعف ما ورثة أخته.
ثم عادت إلى البيت ..لإخبار زوجها إنها قررت أن تنتقل إلى العيش عند أمها لأنها البنت الوحيدة وحتى تستطيع أن تدير أموالها التي ورثتها ...فلم يمانع الزوج ...
وفي الإجازة الصيفية ...انتقلوا إلى العيش هناك ...أما الجدة ...عائشة جلست وحيدة ...تنادي ..من النافذة ..مرات ...قليله تجد أحد يساعدها فيما تريد ....ومرات يتعب صوتها فلا مجيب ..وهكذا ...مرت السنين ...
وصل خبر وفاتها إلى ...أم هيفاء عندما سافر زوجها إلى هناك ...
حزنت حزنا شديدا ...ثم حكى لها القصة أبو سعيد...
فقال:أصابتها حمى ولا احد يسأل عنها ما عدا جاراتها اللاتي يزرنها كل ثلاثة أيام وفي ذاك اليوم دخلن عليها...فوجدنها تجاهد سكرات الموت ...فقالت واحدة منهن ...هيا نسرع بها إلى المستشفى ...فردت عليهن ..أنا تعبانه .. إني أموت ...وبعد لحظات ..فارقت الحياة ...وهي التي كانت تتمنى لو إن زوجها يموت قبلها ..لأنه مرض مرضا شديدا فأصبح ملازم الفراش..لا يستطيع أن ينفع نفسه بشيء...ضيعت عمرها معه ...تزوجته عندما كان عمرها ستة عشرة عاما وهو في الثلاثين ..تزوج ثلاثة نسوة قبلها ولكنهن لم يجبن فطلقهن ؟...وهي لم تكتشف ذلك إلا بعد مرور عشرين سنة إنه تزوج قبلها وإنه لا ينجب .. طلبت منه الطلاق ...ولكنة رفض ..فهو لا يريد أن يفرط فيها ...ولا يريد أن يكون وحيدا ...ظلت تحاول فيه ...وتقبل رجليه وتبكي لعلة يغير من رفضه الطلاق حتى إنها قالت : طلقني لأتزوج من آخر وأنجب منه أولاد ومن ثم ارجع اليك ..ولكنه رفض ...
ففكرت أن تربي بنت أختها المتوفيه وكان عمر الصغيرة سنتين ..ربتها حتى كبرت ..ثم زوجتها ... سافرت البنت مع زوجها إلى بلاد أخرى ... فطال عليها الغياب...... وفي يوم من الأيام أرادت أن تزور بنت أختها ... سافرت مع زوجها ...وعندما وصلوا البيت وهي في لهفة لرؤية أبنتها كما كانت تسميها ... طرقوا الباب ولكن لا أحد يفتح الباب ..انتظروا ساعتين عند الباب لعلى احد يفتح أو انه لا يوجد احد ...
فقالوا ..ربما سيأتون من مكان ...ومرت ساعة أخرى ..لا احد قادم إلى البيت ولا احد يفتح ...
فقالوا: ربما أخطانا في العنوان فعادوا وفتحوا الورقة المكتوب فيها العنوان فوجدوه كما هو...ومن التعب قرروا أن يذهبوا إلى فندق ويأتون في اليوم التالي ..وبينما هم كذلك يهمون للذهاب فتح الباب وإذ به الرجل الذي زوجوه ابنتهم يقول لهم ...والشرر يتطاير من عينيه ..لا نريد احد هيا اذهبوا ولا نريد أن نرى ووجهيكما ثانية ...فلم يردوا بأي كلمة لشدة صدمتهم منه ...رجعوا بخفي حنين ...في حسرة ... حاولت أن تنسى.. والأيام دواء الجروح...فأراد زوجها أن يواسيها ...وطلب من أخوه أن يربي ابنه الصغير ...فلم يمانع أخوه ...أعطوه الولد وعمره شهرين لأن أمه كانت مريضة...ربته كأنها أنجبته من بطنها وسهرت الليالي معه ...ملئ البيت طفولة ومرح ولعب.. نست نفسها معه...ولكن عندما كبر وأصبح شابا يافعا لم تكتمل فرحتهما به...قرر أن يكون عند أمه ...
وقال لهم: ...أريد أمي ...
فقالوا له : هل قصرنا في حقك شيء ...نريدك أن تكون عندنا حتى تبني مستقبلك وتتزوج ...
فقال لهم :دون أن يبدي أي من تعابير الأسى.. لم تقصرون في حقي .. ولكني أريد أن أكون عند أمي الحقيقية ...فكانت كلماته عليهما كالسكاكين الصدئة تقطع قلبيهما فلم يستطيعوا فعل شيء أو منعه من قراراه المفاجئ ...وكانت العبرة تقف في حلقها...وهي تنوح : أهذا الذي كنت أنتظره منك يا ولدي؟!..وآماه... يا وجع قلبي ...ضاع عمري ..






































تحجر قلبي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
كم من قصة سمعناها وكم من قصة حدثت في واقعنا وكم من قصة نحن عشناها ...فأحيانا تكون القصة ..غير مثيرة...ولكن قد تكون هذه القصص التافهة أو العادية تحمل لنا فكرة عميقة تتفرع لعدة أفكار فتغير من إحساسنا بأنفسنا وبالواقع من حولنا ..وكل ذلك دون أن نشعر .
تحجر قلبي : قصة واقعية ولكن مع تغيير اسماء الشخصيات الحقيقة وبعض الأشياء احترما لخصوصيتهم ..أحداثها تتكلم عن حياة أم عانت القسوة من المحيطين بها فأثر ذلك سلبا عليها ..وعلى بنتيها ..فمات الحنان في قلبها ..ودفن بقسوة الأيام..
ضاع عمري: قصة أخرى تحكي حياة امرأة عجوز.. تمنت يوما لو إنها كانت أما ...ولكن : لم يقدر الله ذلك لها ولم تقف القصة عند هذا الحد بل تحكي حياة أخرى عكس حياتها تماما ...
الغريب:سافر عن أهلة وعاش غريبا ...وفي الغربة صادف أناس عاشوا غريبين عن أنفسهم ...
أتمنى لو إن قصصي المتواضعة تكون قد أعجبتكم ...فلن تتم إلا بالتوفيق من الله ثم بموافقتكم عليها..
انزل






انزل











انزل








تحجر قلبي...
عائلتنا يحسدها كل من يعرفها وكانت بسيطة متواضعة أخلاقيا ليس ماليا فالمال عندنا وفير
. جاء رجل يطلب يدي من أبي وكنت حينها أكبر البنات وأصغر الأولاد ,فكنا أربعة أولاد وثلاثة بنات ............. فلم يخبرني أبي عنه شيء عجب به وهو يراه مناسب, ولما تتعارف علية العائلة كان في محل ثقة... فكنت في الرابعة عشره من عمري , ولم أبلغ بعد......حتى إنني لا اعرف ما هو الزواج وكيف ؟............؟
أقيم الزواج لمدة ثلاثة أيام ولياليهن..... فكنت سعيدة فقط.. لأن النساء تزينني وكان الغناء والطبل يدق من اجلي فيالها من سعادة ولم ادري أنني سوف ادخل حياة جديدة تختلف عن حياتي الصغيرة وعن واللعب واللهو مع الفتيات اللاتي في سني وتدليل والدي.. فلم أكن أتمتع بالجمال الملفت ...
وانتهى العرس وما زلت عروس .............. يكبرني زوجي بأربعة سنوات وعشنا حياتنا كباقي الأزواج.............أكيد في مداخله من الأهل إذ إننا بدون خبره.. حملت في الشهر الأول من زواجنا.. حتى إنني كنت لا اعلم ما هو الحمل وماهية آثاره ..شعرت بتعب كأن جسمي فيه عله ومن طبعي أنني كنت لا أشكي لأحد..........فلاحظت ذلك أم زوجي وأخبرتني إنني حامل فقالت: "انتبهي لنفسك" حتى لا يسقط الجنين........ فرحت وكانت فرحتي لا توصف بالرغم من صغر سني إلا إنه لا يوجد بنت في هذه الدنيا إلا تمنت أن تكون أما, فطرة الأمومة, فقلت : سأصبح أماً......؟!أجابت وعيناها مغررتان بالدموع من الغبطة والسرور نعم أبني كذلك سيكون أباً...... أنا بالتأكيد جدة ... رفعت يدها إلى فمها وزغردت( يببت ) فسمع من بالبيت فجروا جميعا نحو الصوت .سألوا باستغراب خير..؟! نريد أن نفرح أيضاً والتفتوا إلينا وهم يتساءلون وكأنهم يعرفون الإجابة,.... لم أجيبهم إلا إنني نظرت إلى عمتي, فهموا إن الإجابة عندها ......فأجابت بصوت يسمعه الجيران.... عبد الله سيكون أبا. بارك الجميع حملي ... وأولهم كان أبو عبد الله . فقال مبارك يا أبنتي مبارك ..أهتمي بنفسك.
وأخوته وأخواته باركوا لي وكأنهم يباركون لابنهم فقط وكانت نظراتهم تقول نتمنى أن يكون ولد .. حتى يحمل أسم ولدنا فكان عبد الله الصغير والمدلل في إخوته.
ومرت الأيام وكأنني ملكه . الكل يخدمني ويلبي طلباتي فأحببت هذا الحمل جدا وتذكرت والديّ عندما كانا لا يرفضون لي طلب... بالرغم من التدليل إلا إنني كنت هادئة.....
ومرت أشهر الحمل التسعة كأنها يوم عصر, حتى جاءني المخاض ... وحملت إلى المستشفى وعمتي تكاد أن تجن......... حضرا والديّ ..........ودخلت إلى غرفة الولادة فأرعبني منظرها وحسبت إنني سأذبح هناك فوضعوني على السرير وبعدها لم اشعر بشيء من شدة الألم فكان الموت يناديني من قريب وبعدها بلحظات سمعت صوت طفل يبكي وصوت الطفل كأنه ماء بارد كب على وجهي من السعادة ...حمل الدكتور الطفل وأنا في لهفة كي احضنه .... سمعت صوتاً يقول مبروك إنها بنت..فكانت غمرتني سعادة كبيرة.. فقلت أعطني إياها ......... وأنا انظر إليها كعاشق يتأمل حبيبة ونظراته مليئة بالغرام احتضنتها ثم قبلتها كالجائع العطشان وتفحصتها كطبيب ,كأنني في عالم آخر فحسبت إنني في الجنة ,الله ما أحلى طعم الأمومة .... نسيت كل من حولي والجو مضطرب ..كأنهم سمعوا خبر فاجعة من شدته الجمت أفواههم... فنظرت إليهم ولسان حالي يقول ماذا حصل لهم ......... تغيرت وجوههم فجاءة ........ فقلت: بكل عفوية.. عمتي تعالي وانظري إليها كم هي جميله ألا تشبه أبيها ..؟! فتقربت إلينا بخطوات متثاقلة وكأنها طفل يتعلم المشي ... فقالت:من طرف لسانها ..الحمد الله على السلامة مبروك البنت..وسكتت.. فقلت : من نسميها....... أبوها سيسميها؟
فأجابت : بالتأكيد ...أسمها ..نورا.
ونادت بصوتها المتحجرش كأنها تعاني من زكام تعال يا عبد الله وانظر إلى نورا........فتقدم خجل من أمه وكأنه متهم ...تقدم ولم ينطق بحرف غير إنه يوزع ناظريه نحو زوجته وأمه وأبنته وكأنه يقول .. أمي لا يهم إني سعيد ...
وبعد لحظات سكنت وجوههم كأنهم رضوا بما أتاهم الله .......... فقالت: عمتي وهي تتنهد إن كان ولدا أو بنتا فالحمد الله كله من الله وكأن مصيبة وقعت .فنظرت إلى أبوها وباركت له في الملودة الجديدة.
فقال: الحمد الله على السلامة مبروك جعلها ذخرنا.
فقالت :الأم إن شاء الله ربي يعوضك بالأولاد ولا تبق عليها ...........فتساءلت في نفسي من تقصد ؟ولماذا وجهها عبسا .
فسكت وتبسمت فلم يسعني قول شيء أمامها لأنني احترمها ......... فهي مثل أمي.
ومرت الساعات وكأنها سنين بعد ما سمعت قولها ........ولكني قلت في نفسي لا تهتمين بحديث عجوز ..والبنت عندي مثل الولد ....
فكان عبدالله يواسيني ويقول لي الحمد الله إني أصبحت أبا وإن شاء الله تكبر تحت سقفنا ونحبها وندللها كما كانت أمها مدللة ......فكان كلامه يطبطب من جروحي مع إنني أعلم ما في داخله ولو قال لي كلام اخر لغضبت منه .........
وبعد يوم ,طلب عبد الله الإذن للخروج من المستشفى ......فخرجنا بعد الفحوصات الكاملة فالحمد الله كلنا بخير .
رجعنا إلى البيت كان الطريق اليها طويلا و الصمت يسيطر على الجو حتى نورا تغط في نوم عميق , فكنت أنظر الى عينيها آمله منها ان تفتحها أو تصرخ. فصراخها كأنه غناء عصافير في حديقة غناء , ولكنها نائمة يئست منها .....فتاره التفت إلى عبد الله وتارة التفت إلى الشارع حتى وصلنا الى البيت ماكنت أنتظر استقبال حار بعد ما رأيت وجوههم في المستشفى ......... دخلنا البيت كأن فيه عزاء .........فهرعت إلى غرفتي حتى استلقي في سريري وأضع نورا في سريرها ........وبعدها تنفست بنفس عميق وفجاء تدحرجت دموع صامته على وجنتي ........سمعت صوت الباب يفتح اذا هو زوجي فقال لي : سلمى .........ولم يكمل مسحت الدموع واخفيتها عنه حتى لا يقلق علي ....... سأل: ما بك ...هل أنتي بخير؟ .........فقلت : نعم إني بخير .........واتبعتها بقولي نورا نائمه لم تستيقظ منذا إن كنا في المستشفى. هل هي بخير .......فالتفت إلى السرير وذهب يتفحصها فاذا هي نائمه ....فقال : ربما من الطبيعي أن ينام المولود طويلا..وبعد هنئيه وجهه تغير وبداء يقلق عليها ثم قال: سأسأل أمي عن سبب نومها الطويل ......رديت عليه : لا داعي .......سوف اذهب أنا أناديها ........فقال: لا سوف اناديها من هنا .صرخ بأعلى صوته ......... أمي تعالي ...وبينما هو كذلك إذا إن الطفلة تتحرك .....فقلت : هاهي بخير.. آمل ذلك ......... سمعت عمتي صوت ولدها فلبت نداءه مهرولة إلينا وهي تكاد أن تتعثر ..ثم وقفت عند الباب .........فقال عبد الله : حسنا يا أمي كل شيء بخير .
عاتبت عليه بقولها لماذا تعذبني ...ثم رجعت ادراجها....
تذكرت أمي حينها تمنيت لو انها كانت بجانبي .
عدت إلى سريري وقلت : اشعر بتعب شديد. فقال :عبد الله الأفضل لكي أن تنامي مادامت نورا نائمه .........وضعت رأسي على الوسادة فلم أحس بعدها بشيء إلا صوت بكاء الصغيرة .. قفزت قفزة من سريري إليها حملتها ورضعتها حتى سكتت ........ وبعدها أحسست بجوع شديد فأنا لم آكل منذ الصباح .......حملت نورا وذهبت إلى المطبخ لعلي اسد جوعي .......ولكن وجدت نفسي مسدودة من الطعام. رجعت إلى غرفتي ......أداعب الصغيرة وأنشد لها الآن سيأتي أبيك...الآن سيأتي أبيك .
بين كل لحظه وحين انظر إلى الباب انتظر متى يأتي أبو نورا ..؟لكنه تأخر.. فلا أحد يسأل عني أو على الأقل يسألوا على أبنتهم الصغيرة . تذكرت أيام الحمل كيف كانت جميله كيف لهم أن يتغيروا هكذا فأنا لم أفعل بهم شياء ......هكذا الدنيا إذا ضحكت مرة تبكيك مرات .......لا يهمني ما يفعلون الأهم إن ابنتي عندي هي تحبني وأنا وأحبها ...........أين عبد الله لماذا لم يأتي حتى الآن ........وفي منتصف الليل وبكل هدوء فتح الباب فإذا هو حبيبي يدخل وقد مللت من الانتظار ولكني لم اسأله اين ذهب ولماذا تأخر لأني لا أحب أن أقول شيء يزعجه مع انه إنسان طيب .....ربما ظرف جعله يتأخر علينا . فوجدني مستلقية عرف إنني لم أكن نائمة . فأقترب مني ومسح على رأسي بكل حنان واخذ يداعب جسدي وهو يقول : هل أنتي نائمة؟ .......فلم أرد بكلمة ثم قال : هل انتي جائعة ؟ ايضا لم أتكلم.. فالنائم لا يتكلم .. ..... حبيبتي آسف تأخرت عليكم لأنني كنت مشغول جدا ولن أتأخر عليكم في المرة القادمة .......هيا ....تكلمي .. فقلبت وجهي إليه وعيناي مليئة بالدموع فقلت: له اشتقت لك...ضمني إليه وقال: وأنا أيضا ..ثم قال: إني جائع أريد أن آكل ......سوف اذهب الآن إلى المطبخ ولم يكمل ....... قاطعته ... انتظر سوف احضر لك العشاء. قال: لا ارتاحي أنتي سوف احضره أنا .. هل أنتي جائعة..؟فأجبت بنعم ... ... ماذا تريدين ..؟فقلت: ما تأكله أنت ... تعشينا في الغرفة .... انفتحت نفسي للعشاء وأكلت بشراهة ...
وفي الصباح الباكر سمعت صوت الغالية ....وهي تسأل عني وكانت عمتي تقول لها: سلمى نائمة فهرعت إلى الباب دون تردد ....فتحته وقلت هلا هلا بأمي ....دخلت أمي الغرفة وهي كعادتها تسأل عني وتتطمئن علي وتقول :هل أنتي بخير ...والطفلة كيف هي ؟ فقلت : هي بخير ! وكانت عمتي معها فلاحظت أمي التعب الذي علي ........فقالت : مالي أراك تعبه؟ !.....ردت عمتي كأن السؤال موجه إليها فقالت :أكيد إنها نفاس وأول أيام الولادة ...فالكل في هذا البيت يهتم بها وأبو نورا ما يقصر في حقها .....فقلت في نفسي : الحمدالله على كل حال .
وأتبعت قولها...سوف احضر الشاي و القهوة : قالت: أمي وهي تنتظر تلك اللحظة حتى تخلو بي ..... وهي في عجلة من أمرها حتى لا تأتي عمتي ...ما بك يا ابنتي لا أراك بخير !!....فأجبت: الحمد الله يا أمي إني بخير ولكن نورا تسهر في الليل , تنام في النهار....ليس إلا.....فقالت: أمي إنك تخفين عني شيء وأنا أعرفك يا ابنتي.. فقلت: لها لا تخافي يا أمي إنني بخير وعبد الله لم يقصر في حقي ابدا .......فقالت ماذا تأكلين..؟ قلت: كل شيء لذيذ وشهي .......ثم قالت: يا ابنتي إذا كنت لست كذلك . أطلبي من زوجك بأن يحضرك إلينا ...قلت لها ان شالله فأنا بخير يا أمي ولكن لابد لي أن أزوركم عن قريب ان شالله .....
قاطعت حديثنا أم عبدالله بدخولها العفوي ومعها القهوة والشاي .... صبت القهوة. وقالت إن سلمى لم تفطر ساحضر فطورها ...... وبعد لحظات عادت ادراجها إلى المطبخ لتحضر لي الفطور ....وبينما هي كذلك .قالت: أمي لا تتأخري في الزيارة إلينا يا ابنتي فإننا اشتقنا إليك كثيرا .....إن شاء الله يا أمي ....... جاء الفطور فكلت وأكلت معي أمي فكان الطعام لذيذا.. ربما لأن أمي كانت معي .....وعندما قاربنا على الانتهاء إذا بنوره تستيقظ من النوم باكية.. قفزت إليها أمي تحتضنها وتسكتها بكل حنان ...فنظرت إليها وقلت في نفسي هذه هي امي الغالية .... فقالت إنها جائعة تريد أن ترضع .....كلي يا ابنتي حتى تستطيعين ان تصنعين الحليب للحبوبة.
فقلت: لقد انتهيت وشبعت يا أمي .......أعطتني إياها فقالت:خذي أرضعيها ..وأنا أرضعها أمي تراقبني .فقالت : ليس هكذا يا سلمى البنت سوف تتعب ولن تحس بالراحة هكذا رضعيها هكذا.وكانت تشير بيدها نحو صدرها وتعلمني كيف تكون الرضاعة ,لم أكن أعرف طريقة الرضاعة ..ضحكتفي داخلي من نفسي لجهلي وفي نفس الوقت تمنيت لو إن أمي تعيش معي .
...... وهكذا حتى مرت الأيام وفي الشهر الثاني احسست بنفس التعب الذي احسست به من قبل فذهبت ألى أمي وسألتها فقالت: لي أتركي الرضاعة عن البنت فأنتي حامل فقلت كيف يا امي؟ الم ترضع الصغيرة قالت: فالحليب يتغيرعند الحمل
وابنتي ما زالت في شهرها الثاني ......فاخبرت عبدالله ذلك..ابتهج وجهه من الفرحة و أخذ يصرخ في البيت ليخبر الجميع وهو يقول : سيكون لنورا أخ .. فخرجوا جميعا من حجرهم إلى حجرتي وباركوا لي واحدا تلو الآخر ..أما أنا فكنت بين اثنين سعيده لربما يكون لي ابن وحزينة من أجل نورا لأنها صغيره جداً .......... فلم اكن أنتظر الدلال من أحد ولكن كعادتهم ........حتى إنهم أصبحوا يهتمون في البنت ويعينوني. فلم أحس بعبء.. يا ليتهم دائما كذلك ....ولكني قضيت أشهر الحمل وأنا في قلق شديد أحياننا أواسي نفسي واقول كل ما يأتي الله به هو خير .....وفي الشهر التاسع بداء المخاض ..... هذه المرة ذهبت أمي معي فهي تعلم بولادتي أكيد عبد الله معي وتركت نورا مع أخت زوجي حتى تهتم بها وعمتي أيضا كانت معنا فقط حتى لا يقولون عليها إنها لا تهتم بزوجة ابنها .......المهم كانت الولادة صعبة جدا مكثت في المخاض خمسة ساعات ثم فرج الله علي.. وإذا بالطبيب يقول : مبروك إنها بنت ...وأعطاني فاحتضنتها إياها كأي أم ..
وسالت على خدي دمعتان دون أن أشعر ..رأى عبد الله الدموع ومسحهن بيدين حنونتين وهو يقول: الحمد الله على السلامة.. لماذا تبكين يا عزيزتي ..هززت رأسي وأنا أقول :لا ..إنها دموع الفرح .. أراد أن يغير الموضوع فنظر إلى الطفلة.. وهو يقول: أنتي سميها هذه المرة فهي لك : ابتسمت وقلت: لم أفكر في أسم بعد.. وفي نفس الوقت ..قالت: أمي الحمد الله على السلامه والكل كذلك كان يبارك ولكن بوجوه جامدة وابتسامات صفراء , فقلت في نفسي .. المجاملة خير لي من كلام جارح... فقالت: أمي هذه المرة سلمى (النفاس) ستقضي عندي ... قال: عبد الله وهو يتحجج لها .. لماذا ...؟وأمي تقوم بالواجب.. إلا إذا أحبت سلمى ذلك .قالت أمي وهي ترجوه ولو أسبوع واحد .. التفت إلى أمه كأنه يطلب الأذن منها بالسماح ..فلم تمانع ..وهي تقول :البيوت واحدة وكلنا أمهات... فرحت ولكني لم اظهر السعادة على وجهي ...فقلت : لقد فكرت في أسم للبنت .....ما رأيك ب ليلى قال : جميل ..... متى سنترك المستشفى .. ؟ قال :غداً إن شاء الله ....
ذهب الجميع للبيت ما عدا عمتي ......وفي اليوم التالي ...في الصباح الباكر أتى أبو نورا .الينا حتى يكمل طلب الخروج من المستشفى . فكنت مشتاقة لنورا ...فسألته كيف حالها..؟ فأجاب .. هي بخير ,غير إنها كثيرة البكاء سهرتنا الليل كله ولآن تركتها عند عمتها سميرة غارقة في النوم .
ثم سأل أمه ..كيف حالك يا أمي ؟ قالت: الحمد الله بخير ....هل نمت جيداً يا أبني ... قال : لا أين انام ونورا سهرانة وأتبع حديثه بقولة :اليوم عند الساعة الواحدة إن شاء الله سوف تخرجون من المستشفى وتذهبين أنتي يا سلمى إلى بيت أمك .ثم ذهب إلى عملة.
ومر اليوم كأنة جبل على ظهري.. جلست أعد الساعات لعل العد يزحزح عن ظهري طول الانتظار.. فلم أزل كذلك حتى جاءت الساعة الواحده ظهرا كأنها أتت من مكان بعيد .ً فوجهت نظري إلى الباب كل ما دخلت ممرضة او طبيب خلتة عبد الله .
وفي الساعة الواحدة والنصف دخل ..كأنه ملك من الملائكة . ثم جهزت عمتي الأمتعة وفي الوهلة الأخيرة.. استدعى الطبيب للاطمئنان علينا ...ثم خرجنا.. حتى وصلنا إلى البيت حضنت نورا كأنني غبت عنها شهر ....فبكيت لا أدري لماذا ربما لشوقي لها أو ..لا أدري .. فالكل رآني كذلك ... ثم دخلنا غرفتنا.
فلم استرح ...جهزت أمتعتي وبناتي للذهاب إلى بيت أبي....... دخل أبو نورا الغرفة وقال : مالي أراك تتعجلين للرحيل ....في الليل ستذهبين ليس الآن إن شاء الله ......فقلت له أدري...فقط حتى أرتاح ...
وبعد الغداء ......ودعت الجميع ... ثم حملنا أمتعتنا إلى السيارة ......تحركت السيارة في دقائق .....وبينما نحن في الطريق ......سألني فقال : هل أنت بخير..؟ سؤال ليس كعادته ...؟ قلت: نعم ألا تراني أنت كذلك ......فقال : لم أسمع منك يوماً أي شكوى أفتح قلبك لي ؟ فقالت : لو كنت أشكي من شيء أو أحد فعل بي شيء لسمعتني اشكو .....رد قائلاً: الأهم عندي ان تكوني مرتاحة مني ومن الجميع ......قلت:أنت إنسان لطيف وشكراً على سؤالك أدري أنك تهتم لي .
فلم يكن الطريق بعيدا ..وصلنا للبيت ..... فستقبلنا باستقبال حار ......وقد جهزت أمي دعوة للجيران وعزيمة كبيره للعشاء ......بتأكيد أهل زوجي في الحساب ..
مر الأسبوع كأنة يوم ... فطلبت منه أن يمهلني أسبوع آخر فوافق دون تردد . وقال : أنت مرتاحة..؟!.. قلت : للغاية.... فقال لكِ ذلك.سعدت كثيرا وتمنيت لو إني أعيش عند أمي الدهر كله: وبعد أسبوع رجعت الى بيتي ...
ومرت الشهور , حتى صارت نورا تقارب السنة ..
أفلس أبو عبد الله وصارت تجارته على المحك خسر كل شيء فلم يبقى لهم سوى الفيلا والسيارات التي يملكونها فلم تكن سياراتهم عادية ...بل من أغلى السيارات , (دوام الحال من المحال) ..صارت الحياة مره وزادتها الديون مرارة.. فقرر الأهل بيع البيت والسيارات لتسديد الديون ما تبقى من دين ثم الرحيل عن البلد إلى الأبد..وكان الخبر كالصاعقة ,فدارت بي الدنيا.؟ فلم أستوعب إفلاس عمي أبو زوجي ولم أتقبل فكرة الرحيل ,كيف أرحل عن بلد ترعرعت فيه ..؟وكيف اترك أهلي..إلى الأبد بالإضافة إلى إني لا أحب بلدهم الذي في البادية..تعرفون البادية في ذاك الزمان...وأنا عشت في رفاهية ودلال ..
أخبرت أمي أني لا أريد أن اذهب معهم ,ولكن دون أن يعلموا ...فقلت لعبد الله إني أريد أن أزور أهلي وأجلس عندهم عدة أيام حتى أودعهم.. فلم يمانع .... لأني لو أخبرتهم سيظنون أني تكبرت عليهم... و الرحيل سيكون بعد أسبوعين..فكرت كثير فقررت أن أتبع مصيري ...مر الأسبوع الأول والثاني قارب على الانتهاء ..ولم يجيء أبو نورا إلى بيتنا فقلت في نفسي لعله سياتي في آخر يومين وفي اليوم الأخير أتى أبو عبد الله.. وقف قلبي لأن عبدالله لم يأتي فأحسست أن في الأمر شيء ....فقال : نريد البنات....لأن عبدالله سافر ونحن سنسافر معهن صدمت من قوله الغريب .. رفضت ذلك بشدة وصرخت بأعلى صوتي لا ..لا يمكن أبدا أن تأخذوهن.. وجعلت أبكي وأبكي لا البكاء نفع ولا الصراخ...أما أهلي عارضوا ذلك بالكلام فقط ...
انتزعوا بناتي...ووعدوني بأن أذهب اليهن في القريب العاجل ,,صدقت الكلام وياليتني لم أصدق.. وأهلي أيضا كانوا في صفهم ..لا حولا ولا قوة لي ...فلم يكن الوقت كافي حتى اذهب إلى المحكمة وأطالب فيهن ... أخذوهن وأخذوا حياتي معهن ....وبعد ساعتين سافروا ...وسافر أملي معهم لم يكن لي وجود في نفسي بل لم تكن نفسي موجودة في الحياة ...قتلوني ...أخذوني الى المقبرة ودفنوني ...بقلب ينبض ..كانت الساعات ...التي تمر علي بغيابهم سنين ....بت الليل بأنهار من دموع ,كانت أمي تواسيني , قالت لي هي أيام أن شاء الله وتذهبين ..فكانت أخواتي كذلك ..هيهيات هيهات , وكل يوم تزيد حالتي أسواء ...وبعد ثلاثة ايام لم أحس بشيء ..فقدت عقلي ..وكنت في الشوارع ادور ... وفي حالة يرثى لها ...احضروني ناس من البلدة نفسها إلى اهلي ..انصدموا ...فصاروا يحبسوني في الغرفة ..والمفتاح مع أمي وقلبها يعتصر من الالم ..أما أبي فقد مرض حسرة أنه لم يمنع ذلك...وبعد شهرين مات أبي وأصبح الحمل عليها ........ بقيت في الغرفة ثلاثة سنين بلياليهن والحمد الله عالجوني بعد وقد يئسوا من حالتي فقد تعبت أمي كثيرا....تناسيت فقدان بناتي لأني يئست من ذهابي اليهن و الظروف لا تسمح ...وعشت حياتي ولكنها لم تكن حياة عادية..وتدهورت ظروفنا فلم تعد كالسابق ...
جاءني رجل من بلاد عبد الله تزوجته بالرغم إنه كجدي وفقير جدا فلم أبالي بذلك... تزوجتة بوعد أن يذهب بي إلى هناك حيث بناتي ..قبل الشرط ..فتم الزواج ..لم يكن فيه طبول أو زينة ..فقط غداء ...وفي الشهر الأول حملت ببنت أيضاً ...وبعدها بولد أنشغلت ..بالاولاد..وكدت أن أنسى بناتي ..فلم نستطع السفر بسبب الظروف القاسية ,بعدما أصبح لدي بنت وأربعة أولاد ... وعمر بنتي الكبرى 17 سنة أخيرا ذهبنا الى أرضهن ولكن في منطقة تبعد عن منطقة البنات ب 3 ساعات وصلنا إليها ..سكنا في بيت أشتراه زوجي من قبل وكان بسيط جدا ...وبعد وصولنا بشهر مات العجوز بمرض...أصبح الحمل على ظهري ...صرت أصبح وأمسي بالتفكير في الأولاد حتى يستطيعوا العيش ...فلا حلل لدي سواء أن أعمل في البيوت ,أغسل وأكنس وأطبخ..واتقاظى راتب يومي ,وهكذا..واحياناً يعطوننا أصحاب الخير مساعدة , ولكنها لا تكفينا إلا ليوم أو يومين ...
فجاءه جآتني رسالة مكتوب عليها أمي أننا بخير هل أنتي بخير..؟ لقد اشتقنا إليك كثيرا إننا ظننا أن جدتي هي أمنا إلا أن أخبرتنا امرأة...عندما كنا نتناقش في حديث الأم فسألتني وقالت: لي أنتي أين أمك..؟ فأخبرتها أن أمي ماتت وما كنا نعلم بوجودك ..قد علمت إنك لست السبب في تركنا نعيش بدونك ...أمي نريد أن نراك فأين أنت...؟...و.... وكان مكتوب أيضا ..أمي قد تزوجت وأصبحت أم لثلاثة , بنت وولدين والرابع في بطني ... أما نورا فقد تزوجت..ولديها خمسة بنات وولدين ... قرأت الصفحة كأنني أقرأ جريدة أو مقال , كانت فيها المشاعر جياشة , ولكني لم أحرك حس صدقوني أصبح قلبي جافا بل قاسيا وربما نسيت ان معي بنات من قبل ..فلم أهتم للأمر فكانت الرسائل تأتيني شبه يومي ..أخبرت جارتي بذلك أنصحتني أن ازورهن واتعرف عليهن وكيف أصبحن ...فلم يجول في خاطري ذلك.
فقلت لها: وكيف أذهب إليهن..؟ وأنتي تعلمين بحالي ..فقالت: أن كان الأمر عن نقود السفر فالنقود موجودة سوف أعطيك دين , أذهبي أنتي والأولاد ودعيهم يتعرفون على أخواتهن , لملمت اغراظنا وركبنا سيارة الاجرة وما هي الا ساعات حتى وصلنا ..قرعنا الباب ودخلنا ...استقبلتنا ..إمراءة في العشرينيات من عمرها ..بيضاء البشرة جذابة ..متوسطة الطول , ممشوقة القوام ..حضنتني بقوة ودموعها كالسيل , كنت كالحجر في الصحراء حتى يدي لم أحركهن أبكيت كل من في المكان ولم ابكي أنا.
تقبلت ابنتي ذلك, أما الثانية , فلم ازورها في بيتها أتت هي إلى بيت أختها لما سمعت بخبر مجيئي وبعد نصف ساعة وصلت , نورا ..حضنتها ولكن ليس كحضن ام مشتاقة لبنتها , بدون دموع, وما زلت حتى الآن لا أسال عليهن بل هن من تسألن عني وترحمنني وتحنن علي ...
أصبحنا نحن والزمن عليهن كان أيضا عبد الله مسافر ولم يربيهن سافر الى بلد عربي . منذ ذاك الزمن , وربوهم (جدودهم ) ولكن ماتوا هم أيضا ..عندما كان عمر الصغيرة 12 سنة والكبيرة 13 سنة فنتقلوا الى بيت عمومهم وربوهم كما تربوا ...الحمد الله أشهد أنهن رائعتان .
لم يذوقوا الحنان من أم حقيقية يا ليتني استطيع أن أعوضهن ما فقدنه من حنان ولكن للأسف لا أحس بذرة حنان ... لم يسعني سوى الدعاء لهن بالخير وأن الله يسامحني في حقهن ...

هل تــحب ان تقـرأ القـصص والروايــات